فيصل الزامل
انتشرت في البلاد مشاعر الراحة مع ظهور مرسوم بقانون «الاستقرار المالي» شملت حتى معارضين له رأوا أنه... «مع كل ملاحظاتنا، فإن صدوره خير من حالة الجمود»، ونحن نقول ان الحركة القوية والانتعاش سيولدان مضاعفا اقتصاديا ضخما، يقابل ذلك تكلفة باهظة للتردد والتأخر في اتخاذ القرار حتى تسحب الشركات المتعثرة «التي لديها ملاءة مالية» اذا سقطت وراءها أخرى جيدة ربما لا تعاني من عجز في مواجهة التزاماتها في الظروف العادية ولكنها ستواجه نفس المصير، بل لن تسلم حتى البنوك الكويتية اذا «كرت السبحة».
لقد ارتكز القانون على بند رئيسي اسمه «تعزيز الثقة»، هذا المطلب سعت لتحقيقه معظم الدول، وبتكاليف مالية مرتفعة، في حين تقتصر تكلفة الدولة عندنا ـ بموجب قانون الاستقرار ـ على ضمان 50% من التمويلات الجديدة التي تدرسها البنوك جيدا وتتحمل النصف الثاني من الضمان، ما يعني حكما جودة تلك العمليات التمويلية، ومن المهم في هذه المرحلة أن تستفيد الدولة من الأجواء الايجابية الحالية وتدفع بها بغير ابطاء، بما يحقق مضاعفا اقتصاديا يمثل المكسب الحقيقي لصدور القانون، وبقدر ما تتوالى ردود الأفعال الداعمة للاستقرار بقدر ما يقل العبء المالي على الدولة، والعكس صحيح اذا سيطر التردد مرة أخرى وتركنا مصير مجتمع بأسره في يد شخص يجلس وحيدا في ديوانيته «مجابل الفاكس... ويدز تصريحات»، لقد اشتملت مواد القانون على بنود مفصلة لا يتسع المجال لاستعراضها، علما أن البنوك ليست ملزمة بمنح الائتمان، ولكن واقع الحال يفيد بأن أيا منها لن يقف متفرجا بينما منافسوه يستقطبون عمليات جيدة بدعم من ضمان الدولة، وفي هذه الظروف فإن الجدل القائم حول تعريف الملاءة ـ رغم أنه واضح ـ سيتغير أيضا مع تنامي قيمة الأصول وعودتها الى وضعها الطبيعي، ومن الناحية المنطقية لا يمكن اصدار أحكام نهائية على تقييم الأصول في ظل وضع غير طبيعي مرشح للتغير الايجابي في ضوء هذه المعالجة، على نحو ما حدث في السوق الأميركي وغيره.
بهذه المناسبة يسرني التعبير عن التقدير لمحافظ البنك المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز وللإخوة الأفاضل أعضاء الفريق الذين عملوا معه باجتهاد للإعداد لهذا القانون وتحملوا الضجيج الذي عشناه الأسابيع الماضية وتابعوا الملاحظات التي تم بموجبها اجراء التعديلات على النحو المعروف، صحيح أنهم أدوا واجبا وطنيا، ولكن أيضا من الواجب النظر الى هذا الموقف على أنه منعطف تاريخي في تاريخ الاقتصاد الكويتي الذي يشهد مرحلة عجز جديد في الميزانية لا يمكنه معه تحمل انتكاسة من العيار الثقيل تدخل بسببه البلاد في نفق مظلم لا يعرف أحد له نهاية.
كلمة أخيرة:
... وكان من وصية عمر (رضي الله عنه) الى الخليفة من بعده: «.. وأوصيك أن تخشى الله في الناس، ولا تخشى الناس في الله».