فيصل الزامل
لا أعتقد أن أجهزة الأمن في الكويت تمارس وسائل التعذيب مع من تستجوبهم حاليا، وما قرأناه يشير إلى علاقة راقية بين تلك الأجهزة الأمنية ومن تم توقيفهم على خلفية تصريحات لبعضهم تصادم ما دعا إليه صاحب السمو الأمير، حفظه الله، في كلمته السامية الأسبوع الماضي، وتمس مسائل قانونية جار التحقق منها، ولهذا فإن المعنى الوحيد لما يجري هو استثمار هذا الحدث وتحويله إلى برنامج إعلاني مجاني على أوسع نطاق لعدد من المرشحين، وهذا يعني عدم تكافؤ الفرص بينهم وبين بقية المرشحين، كون هذا البعض سيستفيد من طبيعة النظام الكويتي الذي ـ ولله الحمد ـ لا يسبب عاهة مستديمة للمعتقلين، وكل ما في الأمر هو تغيب لبضعة أيام يسحب بعدها المرشح الأصوات من تحت أرجل منافسيه، حتى من لا يريدون له النجاح يتحولون بسبب تلك الخبطة الإعلانية إلى مؤيدين له، وقد كتب د. سلمان العودة يوم أمس في جريدة الحياة «عبارة الناس على دين ملوكهم أصبحت في عصرنا الحاضر الناس على دين وسائل إعلامهم».
نعم، لقد قام عدد من الصحف بتأجيج هذا الحدث منذ اللحظة الأولى، فهي التي تشجع المرشح على السقوط في المحظور، بدليل كلام من يجري التحقيق معهم - على نحو ما نقل عنهم – من أنهم لم يكونوا يعلمون أن هذا الكلام يضعهم تحت طائلة المحاسبة القانونية، وبالتالي فإن من نقله عنهم قد أسهم في توريطهم، ولو أن شخصا قال كلاما يمس صاحب نفس الجريدة لما تم السماح بنشره، ولكن الإساءات الأخرى هي من قبيل «حرية الرأي»، حتى وإن تسببت في توريط أشخاص بل وفي تمزيق وطن، الأمر الذي يجعل محاسبة المرشح وحده غير مجدية، فهو ـ في الأغلب ـ سعيد بما يجري، والصحيح أن تكون الصحيفة الناقلة لتلك الإساءة شريكة في المسؤولية كونها تتجاهل التوجيهات المتكررة السامية في هذا الشأن، وربما كانت هي المسؤول الأول في حال ثبوت أن محررا فيها قد تولى إضافة كلام ونسبته الى المرشح، مثلما يقول من تجري محاسبتهم.
بعد قرار حل المجلس السابق وقبل الدعوة للانتخابات كتبت بعنوان «سنكون محظوظين إذا جاء المجلس القادم بنفس سوء المجلس الذي تم حله» وشرحت سبب هذا التوقع كون المنهج القائم لم يتغير، ولهذا فلن تتغير مخرجاته، وأشرت إلى الخناقات بين الطلبة في جامعة الكويت واشتباكهم بالأيدي كمقدمة لما سيأتي، وهاهي الأحداث الحالية تشير إلى أننا نتجه بخطوات منتظمة ومتسارعة نحو الفوضى والفلتان، والبركة في الصحافة البطلة (...) التي تفوق في أذاها المحطات الفضائية المملة في مشاجراتها.
الصحافة شيء آخر، تماما.
كلمة أخيرة:
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لعمر ( رضي الله عنه ): «إيهٍ يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان في فج قط إلا سلك فجا غير فجك».