فيصل الزامل
كتبت في عام 1993 أنتقد جانبا محددا من خطة دبي الاقتصادية وأهمية زيادة الانتباه للآثار السلوكية الناتجة عن الانفتاح السريع، وقد قرأت في السنوات اللاحقة لمسؤولين رفيعي المستوى من دبي يحذرون من الشيء نفسه، اليوم استجدت عوامل اقتصادية تتطلب رص الصفوف والإفادة من التجارب، فالأزمة الاقتصادية العالمية قد ضربت الجميع بلا استثناء، وإذا كانت دبي من أكبر المتضررين اليوم بسبب حجم الإنفاق الهائل على تشييد البنية التحتية فقد تتحول إلى أكثرهم قدرة على النمو بعد انقضاء هذه الأزمة بسبب توافر تلك البنية التي قد يستغرق بناؤها لدى الغير سنوات طويلة ستنطلق خلالها هذه الإمارة إلى آفاق واسعة من ميادين التنمية، ومن المأمول أن تستفيد الانطلاقة الجديدة من تجاربها السابقة سواء كانت ايجابية أو سلبية، وبالتحديد فيما يتعلق بالتركيبة السكانية، وهي مسألة تعاني منها دول الخليج كافة، ففي الكويت تبلغ نسبة المواطنين أقل من ثلث السكان، مع فارق مهم في أن المبادرة الاقتصادية في الكويت ـ وعدد آخر من دول الخليج ـ لاتزال في يد الدولة ومواطنيها، بينما في دبي هي بيد الدولة ونسبة «قليلة» من مواطنيها والباقي من الخارج.
من جانب آخر، في كل أزمة اقتصادية يكون رد الفعل الأول للأزمة هو الشعور بالهلع وبالتالي التصرف بردود فعل متضاربة مثلما حدث إبان أزمة سوق المناخ في الكويت التي لم تنته ذيولها حتى الآن رغم مرور أكثر من ربع قرن على نشوبها، يقابل ذلك في تجربة «حكومة دبي» مع الأزمة الحالية تصرفها بهدوء وصمت وحنكة مع مديونية بلغت 80 مليار دولار تم استيعاب نصفها بإصدار صكوك ـ دين داخلي ـ والباقي تم بدعم مباشر من حكومة أبوظبي، وإن كنا لا نعرف التفاصيل، إلا أن المحصلة هي إعادة برمجة المشاريع من خلال استئناف ما تم التعاقد عليه وتأجيل ما لم يتم إبرام عقد بشأنه وذلك لتخفيف عبء المعالجة المالية لتلك الديون، من المهم الاطلاع على تجارب الدول وردود أفعالها على هذه الأزمة العاصفة، ففي الكويت نجحت الإدارة الاقتصادية رغم الظروف السياسية المضطربة بإقرار مشروع تاريخي لابد من تسجيل وافر التقدير لمن كانوا وراءه، كونه يحقق قدرا كبيرا من التحفيز من غير أعباء مالية تذكر على الدولة، ولهذا السبب بالتحديد ـ عدم ضخ سيولة ـ فقد تفاوت ترحيب المؤسسات المالية به، إلا أن موقفها سيتغير بسبب الزخم الذي تحققه أجواء الثقة بالوضع الاقتصادي للدولة.
الخطوة الثانية للفريق الاقتصادي يجب أن تكون باتجاه طرح المشاريع بشكل مكثف، وبالذات التي توفر فرص العمل، حيث سيستقبل سوق العمل 130000 شاب وشابة خلال السنوات الخمس القادمة، ولا تملك الوزارات طاقة استيعابية حتى لربع هذا العدد وما لم توفر المشاريع الجديدة آلاف فرص العمل فإن أزمة اجتماعية ستضرب بكل قوة استقرار هذا البلد.
كلمة أخيرة:
«إذا تم انتخابي فسوف أتقدم بمشروع قانون لتثمين قطعة 10 في خيطان وكذلك تحويل قطعة 5 من سكني إلى استثماري، وإذا تم انتخابي فسوف... إلخ».