فيصل الزامل
يدور الحديث هذه الايام حول تقييم المرشحين، وتبرز قضية اشار اليها الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه حينما استدل رجل في قضية من القضايا قائلا: «وفلان يقول بهذا» فأجابه الامام: «ويلك، أتعرف الحق بالرجال؟ اعرف الحق تعرف اهله»، هذا الميزان دقيق، ومفيد لتحديد الموقف في القضايا التي تختلط فيها الآراء، على سبيل المثال (ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا، اعدلوا هو اقرب للتقوى) وربما وجب عليك الوقوف مع المظلوم حتى ان كانت بينك وبينه شحناء، فالحق احق ان يتبع، ولن تطول بك الايام حتى تجد اثر ذلك عليك وعلى اهلك خيرا وبركة، وفي هذه الايام نحن في وارد تحديد مقاييس للاختيار الصحيح في الانتخابات، هذه نماذج منها:
اداء الشهادة واجب شرعي وليس هوى او مزاحا، الامر الذي يتطلب التثبت وبذل الجهد حتى تكون الشهادة من قبيل «من اجتهد واخطأ فله اجر واذا اصاب فله اجران».
لا يقبل عقلا ان يقوم الطبيب الذي يعالج الناس بالسعال وان يكح في وجه مرضاه، او ان تعرف عنه الاصابة بأمراض معدية، او ان يكون الشرطي الذي يلاحق اللصوص هو نفسه متهما في سلوكه وذمته، يستفيد من زيه الرسمي في التسلط على الضعفاء في الحي او في الوزارات اثناء انجاز معاملاته، ومثل ذلك يقال عن مرشح سيئ التعامل مع اهله او معروف بأكل حقوق الآخرين.
اذا اشتهر المرشح بأنه ممن يصحح الخطأ بخطأ اكبر منه وجب تجنبه، فهذا ضره اكبر من نفعه على اساس «لا يكن نهيك عن منكر يأتي بأنكر منه».
اذا كان المرشح امعة، شعاره «سمعت الناس يقولون فقلت» والاصل هو الا تأخذك في الله لومة لائم من قرابة او زمالة، فإن الشهادة امانة(انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين ان يحملنها، واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا).
لا يجيد فهم «..وكلمة حق «عند» إمام جائر» فتراه مجاملا «عند» ذوي السلطان، وهو في الخارج مسعر حرب، هذا الفهم المختل طريق الى (..ولا تنازعوا، فتفشلوا وتذهب ريحكم) فيصيب الدولة الوهن بسبب عدم ايصال النصيحة الصادقة بالطريق الصحيح، واستبدال ذلك بالارجاف في المدينة وبين من لا يعرفون التفاصيل من عموم الناس (ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم).
تجنب من تستهويه الشهرة، ففي الحديث الشريف «من لبس لباس شهرة ألبسه الله رداء من نار يوم القيامة»، وهي تختلف عن قيام المرشح بعرض آرائه في ندواته ولقاءاته مع الناخبين، ان مرض الشهرة تجده فيمن لا يطيق مرور يوم بغير ان تنشر صوره في الصحف، يسعى الى ذلك بوسائل يتقنها، عبر كلام يستهوي اصحاب الصحف، ويستهويه هو قبلهم ومن هوي فقد هوى!
باختصار، ان قائد الطائرة الذي يسير في ظلمات بين السحب، انما يعرف طريقه عبر الاجهزة والمؤشرات التي امامه، وبعد ساعات من المسير تراه قد هبط بسلام في المدرج المحدد وبالتوقيت المحدد، هذا ما تحققه لنا المؤشرات، لنحرص عليها حتى نهبط بسلام من هذه الاجواء المضطربة، بإذن الله.
كلمة أخيرة:
قال سنان بن سلمة «كنا اغيلمة بالمدينة نلتقط البلح من اصول النخل، فلما خرج الينا عمر بن الخطاب تفرق الغلمان وثبت مكاني، فلما بلغني قلت: يأمير المؤمنين هذا مما ألقت به الريح، فلما نظر إليّ قال: صدقت، فقلت: يأمير المؤمنين، أترى هؤلاء؟ والله لئن تركتني لأغاروا علي فانتزعوا ما معي، فمشى معي حتى بلغت مأمني».