فيصل الزامل
زرت تركمانستان عام 1996 كانت منهكة القوى بعد خروجها من تحت عباءة الاتحاد السوفييتي، بلاد قاحلة وفقيرة رغم أنها غنية بالنفط والغاز، زرتها مرة أخرى الأسبوع الماضي فلم أعرفها فقد تحولت تلك الصحراء إلى قطعة خضراء من الأشجار على مد البصر في العاصمة التي أصبحت قطعة فنية من المباني المتناسقة لمختلف الأنشطة الرسمية والاقتصادية، كيف حدث هذا في 12 سنة فقط؟ أذكر أن أحد الزملاء رفض النوم في غرفته بالفندق في الزيارة الأولى لامتلائها بالصراصير وفضل النوم بالممر، اليوم فنادقها لا تقل فخامة عن أحدث فنادق العالم، ما الذي حدث؟ هل يمكن أن يتم التغيير بهذا الحجم في فترة قصيرة كهذه؟ اتجهت شركات المقاولات التركية والصناعية من مختلف دول العالم إلى ذلك البلد و«نفضته» عندما وجدت فيه قيادة تريد التغيير، اتفقوا معهم على طريقة الدفع من عائد مبيعات الغاز، وعرفوا من الحكومة متطلباتها، فتسابقت الشركات الزراعية لتنظيم وسائل الري والحصاد، والصناعية لإنشاء مصانع الغزل والنسيج وانتشرت المدارس الحديثة تحت إشراف رئيس طموح يخرج من بيته في الساعة الخامسة والنصف صباحا، ويكون جميع الموظفين في مكاتبهم في السادسة صباحا، وبهذا تحقق التغيير.
نعم، التغيير ممكن، فقد بدأت قطر مسيرة التغيير في نفس الفترة تقريبا، لم تكن لديها خطوط جوية فاستأجرت من «الخطوط الجوية الكويتية» أربع طائرات عام 1994، وهي اليوم تدير أسطولا من 60 طائرة، سيرتفع إلى 115 في عام 2015 ـ عدد طائرات الكويتية 17 فقط ـ والعاجز سيقول «هين، بيتوهقون» كما هي عادة الكسالى عندنا ممن يتجاهلون أن صناعة النقل اليوم هي أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، سواء عبر نقل المسافرين أو البضائع.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن التغيير لا يقتصر على مجال واحد، بل يشمل التعليم والصحة وسائر الميادين، وهو ما لاحظته في التجارب التي أشرت إليها، والتي جعلت هذه الدول تنعم بالاستقرار السياسي لما لهذه الانجازات من تأثير على شعور المواطنين بالرضاء عن أداء دولهم.
نحن بحاجة إلى وقفة صادقة مع النفس، والابتعاد عن التشقلب في المواقف، فقد تم انتقاد وزير المالية السابق د.يوسف الإبراهيم واستجوابه عام 2002 عندما طرح موضوع بيع التعويضات المستحقة على العراق إلى شركات دولية، مقابل خصم، ما يبعد الكويت عن الحساسية السياسية، وهو أمر لو تم لما دخلنا في الجدل الحالي مع العراقيين ولأصبحت العلاقة بينهم وبين مؤسسات مالية دولية، ولكن عندما طرح هذا الحل تم استخدام أسلوب التشكيك المعتاد والطعن في النوايا، وتسجيل بطولات على حساب الوطن، وهذه الأيام يقوم بتسجيل البطولات نفس المتسببين في بقاء هذا الملف مفتوحا، فهؤلاء يعتمدون على ضعف ذاكرة معظم الناس!
كلمة أخيرة:
خطب عمر ( رضي الله عنه ) يوما فقال: «إن الله عز وجل ولاني أمركم وأسأله أن يعينني عليه وأن يلهمني العدل، وإني عبد ضعيف إلا ما أعان الله عليه، وإني حبيب إلي صلاحكم عزيز علي عتبكم».