فيصل الزامل
حاول استشاري القلب والقسطرة الشهير د.ابراهيم الرشدان اقناع مريضته الكويتية بأن علاجها في الكويت ميسور وهو أفضل لها من السفر إلى الخارج إلا أنها أصرت، وفي لندن أخبروها بأن حظها ممتاز، لأن لديهم أفضل طبيب في العالم متخصص في موضوعها وهو طبيب زائر للمستشفى هذه الأيام، فلما انتقلوا إلى هذا الطبيب وجدت د.ابراهيم الرشدان في انتظارها وهو يبتسم قائلا: «خالتي ما بغيتي أسويها لك بالكويت مجانا، وتحملت الخسائر والعمل واحد» أجرى لها العملية، ورجعت بقلب سليم، وإحراج كبير من د.ابراهيم الرشدان.
يقابل ذلك أن الأخطاء الطبية في ألمانيا قد تسببت – حسبما نشرته «الشرق الأوسط» ـ في رفع 40.000 دعوى قضائية من المرضى في عام 2008 توفي منهم 17.000 شخص، مثل التلميذة الصغيرة «فرنسيسكا» التي دخلت لعلاج الزائدة الدودية وخرجت من المستشفى بعد أن فقدت إحدى ساقيها إلى الأبد، حيث أعطب الطبيب أثناء العملية شريان الفخذ ما تسبب في نزيف حاد والتهاب أوصلها الى الغرغرينا التي تطلبت بتر الساق، يقول الخبر «.. علما بأن الأخطاء الطبية في ألمانيا قد ألحقت عاهات وأضرارا دائمة بنحو 1695 شخصا».. الشيء نفسه يحدث في بريطانيا، يقول لي أحد الكويتيين: «عملت عملية ليزر للعين اليمنى في لندن، وعانيت من الألم لثلاثة أيام، بعد سنة أجريت في الكويت عملية للعين اليسرى بغير أن أشعر بأي ألم». ومثل ذلك سمعته من شخص آخر: «أجريت عملية جراحية في ألمانيا، أخرجوني من غرفة العمليات إلى الشارع مباشرة وذلك للانتقال إلى الفندق المجاور لعدم توافر أسرة كافية وحدثت لي مضاعفات لا أزال أعاني منها إلى اليوم، وبمراجعة طبيب آخر أخبرني بأن إجراء العملية كان من قبيل البحث والدراسة، أنت لم تكن بحاجة إلى عملية، للأسف الشديد».
هذا الارتهان الزائد عن الحد للعلاج في أوروبا وأميركا لأمراض يتصادف (...) أن تزداد في أشهر الصيف، قد أدى بنا لأن نكون ضحايا لجشع أطباء من كل مستوى، حتى الجيد فيهم يضطر للخضوع لضغط إدارة المستشفى التي لا ترى في مرضى كهؤلاء إلا أنهم فرصة لتصحيح أوضاعها المالية، سواء كانت هناك حاجة لإجراء عمليات أم لا، في المقابل تطور العلاج المحلي على أيدي أطباء كويتيين وآخرين من خيرة الأطباء، ففي المستشفى الصدري تضاعف حجم العمل بنسبة 1000%، بمعدل 10.000 عملية قسطرة في العام الواحد و2000 حالة علاجية للتداخلات الكهربائية عن طريق الدعامات الذكية، بل تم تسجيل براءة اختراع باسم الكويت في ابتكار أجهزة لحماية القلب من الصبغة التي تستخدم عند إجراء القسطرة، والتي كانت تؤثر على الكلى أحيانا.
من حق هؤلاء الأطباء أن يعتبوا علينا لتفضيلنا علاجا تجاريا سيئا وعمليات بتكلفة باهظة لا يجذب الناس اليها إلا أنها تتم على حساب الدولة ويصاحبها صرف مخصصات للمرافقين.. الخ، أما الغرض الأساسي، وهو العافية والصحة، فهو آخر ما يفكر فيه معظم رواد هارلي ستريت في لندن وغيرها من الأسواق (...) العلاجية.
النواب يتحملون المسؤولية الأكبر في تشويه صورة العلاج في الكويت، وبالتالي يعرضون المواطنين لمضاعفات طبية، لهدف سيئ آخر يتعلق بالصوت الانتخابي، الذي يتم على حساب صحة المواطنين، وتطوير خدماتهم الصحية، بتوجيه 125 مليون دينار تصرف على العلاج في الخارج سنويا، بدلا من صرفها على تحسين أداء المستشفيات والمراكز الطبية في الكويت.
كلمة أخيرة:
قال عمر ( رضي الله عنه ) لرجلين قدما من اليمن الى المدينة «ان يرفأ قد أسرع به الوجع، أما عندكم له من طب؟» فلما رأيا ما به قالا: «أينبت في بلادكم الحنظل؟» (نبات «الشري») قال عمر «بلى» قالا «فأمر لنا منه بمكيالين». ثم أخذا النبات ودعكاه في باطن قدم المريض حتى اضمحل، وعاودا، حتى انتهى ما عندهما منه، فشفي، لقد انتبها إلى أن باطن القدم بوابة العلاج إلى داخل جسم الإنسان منذ 1400 سنة وربما أكثر.