فيصل الزامل
ثلاث دول: الكويت، إيران، لبنان، في كل منها ظاهرة الارتهان لحالة «المعارضة للمعارضة ـ دولة ثورة المستضعفين ـ خيار المقاومة» في الحالة الثالثة، لبنان، تعب الشارع من استعمال شعار «خيار المقاومة» في الطالع والنازل، آخرها استخدامه شعارا للحملة الانتخابية في الجنوب، وجاء الرد السلبي في النتائج بمثابة اجابة من المواطن اللبناني مفادها «الاحتلال الاسرائيلي انتهى من سنوات، بدنا نبني بلدنا، خلصونا من استثمار شعار كان له دوره ومرحلته، لا يجوز الارتهان لمرحلة واحدة الى الابد»، في الحالة الايرانية ايضا اراد البعض ارتهان 75 مليون مواطن، حوالي نصفهم ولدوا في حضن الدولة التي تعيش حالة ثورية مستمرة ضد الشاه وانصاره المستكبرين، هذه حالة نفسية تحتاج الى طبيب معالج، وقد مارس الناخب الايراني دوره وأدلى برأيه، وانفجر غاضبا عندما تم تزوير ارادته، فهو مصر على الخروج من الحالة المصطنعة، والتعامل مع الواقع.
في الكويت ايضا نحن نعيش حالة «المعارضة للمعارضة» منذ خمسة عقود، وكلما اكدت الدولة ايمانها بالدستور ازدادت حدة الرفض، وارتفعت وتيرة الخطاب السياسي على اعتبار أن التوتر هو مطلب بحد ذاته، فالحالة الثورية هي مصدر إلهام ساحر للبعض... وحالة نفسية.. «يا سلام على صورة تشي غيفارا، بس لو عندنا ادغال السلفادور.. في المطلاع والدبدبة، حتى يكمل المشهد» هذه الحالة النفسية مستمرة منذ سنوات تزيد عما عليه الحال في ايران، ولو حصل المواطن الايراني على رعاية الدولة بالنموذج الكويتي فلن يترك الساحة للذين يتلاعبون بمصيره ومستقبله عبر «المانشيتات» وندوات التسخيط مثلما يجري في الكويت اكثر دولة في العالم تقدم الرعاية «المالية» لمواطنيها، ولكنها تعجز عن بناء الخدمات لهم بسبب هؤلاء المتلاعبين الذين يعرفون ان استمرار عجز الادارة هو منجم ذهب بالنسبة لهم في دولة تقدم المكافآت لمن يهز استقرارها (...)، وأما العاملون لدعم الاستقرار فيها ـ مواطنين متطوعين، أو موظفين مخلصين ـ فلهم الاهمال أو حتى الاعدام السياسي، رغم عطائهم غير المحدود، هذه المعادلة المختلة ادت الى افساد الذوق العام، ودفعت طوابير من الشباب للالتحاق بركب الزعيق والتشنج، الذي يفتح لهم ابواب النفوذ وانجاز المعاملات وامتيازات نفعية من كل نوع.
لقد تحلحلت مشكلة لبنان قليلا مع «خيار المقاومة» وتتجه ايران لوضع حد لعقدة غيفارا المعمم، وبقينا نحن بلا رؤية واضحة بسبب حجم المنافع المترتبة على استمرار الحالة النفسية (المعارضة للمعارضة)، وليس لنا الا الدعاء «اللهم ولِّ أمورنا خيارنا، ولا تولِّ أمورنا شرارنا».. آمين.
كلمة أخيرة:
قال عبدالله بن ابيّ ابن سلول «لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الاذل» يقصد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والمهاجرين، أُمِر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالعودة الى المدينة، وكان خارجها، فجاء اليه سعد بن معاذ يسترضيه قائلا «يا رسول الله، لقد بعثك الله الينا بالحق وانا لنرص الخرز لنتوّجه ملكا علينا، فهو يرى أنك سلبته ملكا كان له»... يقصد ابن سلول، انها أمراض النفوس تجاه الفوز بالسلطة والنفوذ.