فيصل الزامل
نحن في الكويت ـ شيعة وسنة ـ لنا تاريخ مشترك حافل، من الاحترام لهذا التاريخ ألا نخلطه بمشكلة الشرق الأوسط ونبحث عن صيغة ضمن خيوط متشابكة بين دول لكل منها أجندة، تتبعها أجهزة استخبارات لها طرق خاصة ومهارة في تغيير مسار مسائل كهذه لتصب في مخطط كل منها، نحن في الكويت غير قادرين على إعادة ترتيب شؤون الشرق الأوسط بأكمله في هذا الملف الشائك الذي يتجاوز إمكاناتنا بمراحل كثيرة، ما يهمنا هو إمكانية «استرجاع كويت الماضي في وارد العلاقات بين السنة والشيعة» في المرحلة التي سبقت المنعطف الذي بدأ في مرحلة المد القومي المتطرف، ومن بعده الإسلامي سواء كان بقيادة دول أو جماعات، فنحن في الكويت لا نزال نذكر الروح الطيبة التي كانت سائدة بين أهل هذا البلد في زمان مضى لم يتجاوز فيه الموضوع المذهبي عندهم حدود حرية الاختيار المتاحة لسائر الناس، المسلمون لهم مذاهب يتبعونها وحتى المسيحيون لهم كنيستان معروفتان منذ أكثر من 100 عام، هذه الطبيعة المتسامحة تأثرت بسبب النظام الانتخابي الذي فرض الفرز السكاني المناطقي على مختلف شرائح المجتمع، تحول ذلك التلاحم في بداية الأمر الى تنافس انتخابي لم تلبث أيدي البعض أن حولته الى عجلة انشطارية تتشقلب بجنون، فاقتحمت حتى صفوف الطائفة الواحدة لتقسم أبناءها تارة حسب التبعية الفكرية وتارة وفق تقسيم عرقي مذموم شرعا وعقلا.
بصراحة تعبنا جميعا من هذا الموال، نريد أن نعود الى كويت الالفة يوم أن كانت بيوتنا متلاصقة، الرجال تجمعهم الديوانيات والنساء يتزاورن ويتبادلن الأطباق في المناسبات، ما الذي حول الكويت الى فرز يشبه ما يحدث في لبنان بين الطوائف المختلفة؟ هل نقبل ضياع تلك الروح التي جمعتنا في الماضي القريب بسهولة؟
سؤال: لقد نجحت الكويت في تجاوز لهيب التطرف المسلح الذي عاشته المنطقة منذ 1980 ـ جهيمان ـ وما تلاه بعد أحداث سبتمبر 2001، فمن الثابت أن عدم وقوع حوادث أمنية طوال هذه الفترة لم يكن ليتحقق لولا فضل الله سبحانه وتعالى، ثم تلك الجهود الكريمة التي بذلتها أطراف ذات مبادرة وصلة حميدة وضعت حدا آمنا لتلك الأمور، هذا النجاح لماذا لا يمكننا تكراره للنأي ببلادنا عن المخطط الشرير تجاه شعوب المنطقة عبر ملف (شيعة ـ سنة) الذي يجري توظيفه مثلما تم توظيف القضية الفلسطينية من قبل زعامات فاسدة على مدى 60 عاما مضت؟
صحيح أن الفرز الانتخابي رتب استخدام لغة مدببة تطوع للتألق فيها أكثر من شخص، في أكثر من شريحة، وبالتبعية وجدنا من يسابق الآخرين ويزايد عليهم في تلك اللغة المفيدة تماما لجني الأصوات، دون النظر الى التكلفة الباهظة على أمن هذا الوطن وتكاتف أهله، وكلنا يعرف أهمية قوة ومناعة الجبهة الداخلية لاستقرار أي دولة، انها دعوة مخلصة لمن يذكرون كويت ما قبل الانتخابات والصراعات الفكرية، خذوا المبادرة، تحركوا، الأكثرية تساندكم، واذا عرف الناشط السياسي توجه الأكثرية فسيراجع نفسه، ما أروع أصحاب المبادرات، انهم هم الذين يصنعون أوطانهم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
كلمة أخيرة:
ومما قاله عمر رضي الله عنه لشريح القاضي: «.... ولا تقض بين اثنين وأنت غضبان».