فيصل عبدالعزيز الزامل
تساءل أحد العاملين في حقول النفط الكويتية: «عشت أيام الاحتلال العراقي للكويت بين حقولنا الشمالية والجنوبية، ولا أعرف سببا لتفجيرهم بئرا وترك أخرى بطريقة تسمح بإعادة تشغيل الحقل الذي تطل عليه مجموعة آبار بسرعة، لا يوجد إلا سبب واحد، وهو أن عملية التفجير والحرق مطلوبة لحشد العالم وراء العمل العسكري، مع تقليل فترة إعادة تشغيل الحقول، وهو ما حدث، ابحثوا وحللوا كيفما شئتم، بالنسبة لي لا تفسير لهذا سوى التواطؤ بين صدام حسين والأميركان» انتهى.
تحدث مواطن كويتي عن رحلته من بغداد إلى الكويت بالطائرة في شهر ديسمبر 1990: «كان معنا بالطائرة مواطنون إنجليز بكامل لياقتهم وملامحهم المعروفة حتى ولو لم يتحدثوا، كان وجودهم بين الركاب مثار دهشة كون المحتل العراقي كان يدعي ملاحقة الأجانب والقبض عليهم، لماذا جاءوا وبحماية من دخلوا؟ لا ندري» انتهى.
كلنا يتذكر حادثة تفجير السفارة الفرنسية في منطقة الجابرية إبان الاحتلال، وكيف خدم هذا العمل السياسة الأميركية لوضع حد للتردد الفرنسي في دعم التوجه الأميركي بشأن العمل العسكري، كيف أمكن تنفيذ هذا التفجير والكويت تحت سيطرة الاحتلال العراقي؟ ثم، احتفظ صدام حسين بالأسرى الأجانب في بغداد لفترة وهيّج العالم بعبارة «الدروع البشرية» ثم، فجأة أطلق سراحهم رغم أنه كان يسير بخطوات متسارعة نحو الحرب، من الذي استفاد من التهييج الإعلامي ضد العراق؟ ولماذا يخدم صدام مصالح الولايات المتحدة بهذه الطريقة المكشوفة؟
وإذا كان البعض يشكك في حدوث عملية الإعدام لصدام حسين، وانها تمثيلية وان الرجل يعيش في أمان وان عائلته تعرف ذلك، وفق اتفاق سري معه، إذا كان تصديق هذا الأمر صعب الهضم لدى بعضنا، فلنا أن نتساءل عن سبب إطلاق سراح محمد الصحاف وعدد من أركان حرب صدام بشكل علني في دليل صارخ على التواطؤ الإجرامي ضد الوطن العربي والإسلامي، قام به نظام مشبوه كان في عام 1973 النظام الوحيد الذي يصدر النفط إلى الغرب إبان حظر تصدير النفط بعد اندلاع حرب أكتوبر والذي قاده الملك فيصل بن عبدالعزيز، واستفاد نظام صدام من سعر 40 دولارا للبرميل بسبب تلك المقاطعة، هذا ليس سرا بعد أن أصبح تاريخا.
نعم، صدام حسين كان عميلا بقرائن مثل هذه وأكثر من المعلومات التي يملكها رفاق له سابقون اختلفوا معه، لن نذهب إلى التفاصيل اليوم، يكفينا قول العرب «البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير»، ما يهمنا هو وقاحة هذه العصابة تجاه مصالح بلدهم وأمتهم، أو قل جبنهم، إزاء ما يملكه «الذين استخدموهم» من وسائل لفضح تواطئهم وتؤدي إلى حرقهم وهم أحياء، ولن أستبعد أنهم اختاروا حرق بغداد على أن يتم حرقهم هم في شوارعها على أيدي مواطنيهم، وهو الخيار الثاني الذي تم تهديدهم به.
كلمة أخيرة:
زار عدنان باجه جي وموفق الربيعي وأحمد جلبي الخائن صدام في سجنه، عاتبه الأول لعدم انسحابه من الكويت، فقال له صدام: «ألم تكن أنت وزير خارجية العراق قبلنا، وكتبت في مذكراتك تؤيد مطالبة قاسم بالكويت؟» سارع عدنان للقول «كان ذاك في ظرف مختلف».. صدق الله العظيم حين يقول (وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون).