فيصل عبدالعزيز الزامل
الحديث حول هيبة الحكم ليس مبهما ولا هو معلق على تصرف من فرد واحد ثم تنصلح بعده سائر الأمور، بل هو مجهود جماعي يتحمل الجزء الأكبر منه وزراء أسندت لهم مسؤوليات وربما كان الطريق الأقصر لاسترجاع هيبة الدولة هو نجاحها في تنفيذ المشاريع الضرورية لنهضتها.
للتوضيح، سنستعرض تجربة من تاريخنا المعاصر، خذ مشروع إنشاء جامعة الكويت الذي تأخر تنفيذه 6 سنوات، فقد طرح لأول مرة في عام 1960، وتم استقطاب د.سليمان حزين من مصر للإشراف على تأسيس الجامعة، مرت سنتان لم يتحقق خلالهما شيء، في عام 1962 تم استقطاب د.عبدالحليم منتصر، وأيضا لم يتحقق الحلم، في عام 1965 تولى خالد المسعود وزارة التربية وقرر الرجل أن يتحمل مسؤولياته فتعامل مع هذا المشروع بهمة ونشاط وأزال العقبات.
قالوا له: ليس لدينا مقر.
قال: استخدموا مباني ثانوية الشويخ.
قالوا: أين نذهب بالطلبة الحاليين؟
قال: استعملوا مباني ثانوية «الخالدية ـ بنات» مؤقتا.
قالوا: لا نستطيع فتح أكثر من كلية آداب وكلية علوم، هل هذا يكفي لإنشاء جامعة؟
قال: نعم، يكفي كبداية، ونستدرك النقص لاحقا، لكن يجب أن نفتتح الجامعة بالموعد، كفاكم تأجيلا، عيب علينا هذا العجز.
وبالفعل، افتتحت الجامعة أبوابها في نوفمبر 1966، وكان د.عبدالفتاح إسماعيل أول رئيس لها، وأنور النوري أول أمين عام فيها، ومن ورائهما وزير لم يرضخ لكلمات هزيلة تبرر العجز وتجذره في النفوس، كانت النتيجة أنه لم تمر سنة واحدة على بدء عمل الجامعة حتى افتتحت فيها كلية الحقوق، وكلية الاقتصاد والتجارة.
لم يكمل خالد المسعود السنتين في منصبه ولكنه ترك أثرا شامخا، ومن قبله لم تتجاوز فترة عمل عبدالعزيز الصقر وزيرا للصحة سنة واحدة لكنه وضع الأساس القوي لنظام «التسجيل الصحي» ومشروع «إنشاء مستشفى الصباح»، هذه النوعية من الكفاءات تمتلك الشجاعة والإصرار، لهذا تفعل في سنة واحدة ما لا يفعله غيرها في عشر سنين، ما نريده من وزرائنا هو الشجاعة والإقدام، فلا يوجد أحد دائم في المنصب، والعبرة هي في الأثر الذي تتركه بعدك، وعدم الاختباء وراء التبريرات، فالأقوياء بالحجة يستطيعون إقناع الجميع بما يجب أن يفعلوه لصالح وطنهم.
لقد ابتلينا بنوعية من المسؤولين ـ في مختلف المواقع ـ لا تجيد إزاحة العقبات، ولا تحسن العمل بروح الفريق، في المقابل هناك نوعية «شجاعة» لا يخيفها الصراخ المبني على باطل، ولا معارضة من داخل مبنى الوزارة اعتادت على البطء في الحركة ويزعجها التغيير إلى الأفضل.
تحية للشجعان المخلصين، وكما قال خالد بن الوليد «لا نامت أعين الجبناء».
كلمة أخيرة:
يتحمل جهاز دعم القرار في الدولة دورا كبيرا عندما يبادر الى زيارة الوزير ـ ولا ينتظره ـ في أي قضية تحتاج الى تنظيم المعلومات ومتابعة الحركة الأساسية التي يطلقها الوزير كي يتضافر العمل المؤسسي، مع القدرة الفردية للشخص القيادي.