فيصل عبدالعزيز الزامل
تذكرت هذا المجرم الذي فجر قنبلة ليغتال نائب وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، أثناء متابعتي عبر التلفزيون لجموع الناس وهم يطوفون بالبيت العتيق بيسر وأمان، ثم وهم يفطرون في أرجاء الحرم النبوي الشريف شاهق البنيان، وقارنت بين حجم الجهل الشرعي والعقلي لدى من يعتدي على دولة نشرت الرخاء بين شعبها في الحواضر والبوادي ونأت بهم عن أزمة الاقتصاد العالمي الخانقة، هذه الدولة صارت هدفا لهذا الجاهل بدينه، والخادم لأعداء أمته وعقيدته، ولن يعذره جهله، وقد بلغت أنباء عناية الدولة بأمور شعبها وسائر قضايا المسلمين في أقطار الأرض، وكانت عناية الله عز وجل هي السابقة فنجا الشخص المستهدف رغم القرب الشديد للجاني منه، ولأمتار قليلة فقط.
نعم، لا حجة لمن يدعي الجهل وقد سبقت جلسات الحوار والمناظرة إجراءات رجال الأمن، حتى بلغ الأمر بالشخص المستهدف ـ نائب وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف ـ أن يتخلى عن أبسط إجراءات التفتيش رغبة منه في اللقاء المباشر مع هؤلاء الضالين، ولكنهم سقطوا أسرى لمن يستخدمهم وقودا للإضرار بهذه الأمة، وهو جرم عظيم، ففي الحديث الشريف «لايزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما» فإن لم تكن دماء حماة الحرمين الشريفين محرمة، فمن؟
إن اليقظة والحزم مع هذه الفئة مطلوبان، وهي لا تمثل نسبة تذكر مقارنة مع عامة المسلمين المتدينين بالفطرة، ومن الخطر على مجتمعاتنا الإسلامية أن يربط البعض بين القلة الشاذة والعموم من الناس، ففي الولايات المتحدة ـ على سبيل المثال ـ لم يعودوا يقبلون فكرة أن كل مسلم هو إرهابي، هذا التغير حدث منذ سنوات وليس الآن، ومن المعيب أن يقع بعضنا في هذا المنزلق الذي يوصل رسالة قاتلة الى الفئة المترددة بأنه لا فائدة من الاعتدال، وبذلك نقدم دعما للإرهاب، وهو ما صرح به الرئيس الأميركي أوباما بقوله «لقد تسببت سياساتنا الخاطئة في منح تعاطف كثيرين مع المتطرفين».
من الطرائف المتعلقة بهذا الموضوع، أن أحد الزملاء من الكتاب المختلفين مع الطرح الإسلامي ـ السياسي على الأقل ـ لقي معاملة سيئة في أحد مطارات الولايات المتحدة ولم يستمع إليه أحد وهو يقول: «أنا مؤيد لكم، أنا من أصدقائكم».. وهي تجربة قليلة الحدوث مع بقية الزائرين لهذا البلد الذي تغيرت معاملته كثيرا ـ الى الأحسن ـ في الفترة الأخيرة، حظه!
كلمة أخيرة:
العجز عن معالجة مشكلة محطة مشرف لمعالجة مياه الصرف الصحي أدى الى استعانة الوزارة المختصة بالجيش الأميركي، هذا الخبر وإن لم يصح إلا أننا اقتربنا من حدوثه كثيرا، وهو مؤشر مؤلم لما وصل اليه حال الخدمات العامة في دولة تقيم أفضل مشاريع البنية التحتية في بلاد كثيرة وتعجز عن تنفيذ أبسطها على أرضها، ما السر؟