فيصل عبدالعزيز الزامل
سجل تقرير السيد «توني بلير» عن التعليم في الكويت ملاحظات هامة، منها:
- 1 ـ رغم ارتفاع مستوى الانفاق الحكومي على التعليم ـ 8% من الناتج القومي، بينما سنغافورة 3% فقط ـ إلا أن طلبة الكويت احتلوا المرتبة 33 ضمن قائمة من 35 دولة في اختبارات الكتابة والقراءة (اختبار pirls) بينما تصدرت سنغافورة تلك القائمة، ما يشير الى أن المشكلة عميقة جدا في نظام التعليم بالكويت.
- 2 ـ مدرس واحد لكل 11 تلميذا بالكويت بينما في دول الخليج 17 تلميذا للمدرس الواحد.
- 3 ـ مفارقة انخفاض التحاق خريجي الثانوية بجامعة الكويت ـ في كوريا 84%، في الكويت 27% فقط ـ في حين يزداد إقبال الطلبة على الجامعات الخاصة في الكويت ودول الخليج!
- 4 ـ عدم توافق مخرجات التعليم مع حاجات سوق العمل.
- 5 ـ تدني حوافز الطلاب للحصول على معدلات علمية متفوقة.
ثم قدم التقرير عددا من التوصيات منها:
- 1 ـ زيادة الاهتمام بدور المعلم وزيادة معدل التدريب العملي في إعداده.
- 2 ـ تحسين أسلوب تقييم الطالب وفق معايير واضحة له وللمعلم.
- 3 ـ تطوير سياسات القبول بالجامعة وفق احتياجات السوق وابتكار آلية تشجيع للانتساب الى التخصصات الأكثر حاجة.
هذه المراجعة الشاملة لنظام التعليم هي مؤشر جيد لرغبة القائمين على التعليم في الوقوف على نقاط الضعف من خلال آراء محايدة وموضوعية، مثل تقرير بلير والفريق المعاون له الذي سجل بالإعجاب دور التعليم الأهلي في مختلف المراحل، وهذه حقيقة، رغم أن الموارد المالية المتاحة لهذا القطاع لا تقارن بالتعليم العام الا أنه يسد ثلث حاجة التعليم في البلاد، ومنه تأتي قوائم أوائل الطلبة كل عام، وفي السنوات الأخيرة برزت ظاهرة التعليم ثنائي اللغة التي أنشأت جسورا بين الثقافات العالمية والمحلية، ففي «مدرسة الرؤية» ـ على سبيل المثال ـ يحصل الطلبة والطالبات على تعليم راق باستخدام اللغتين العربية والانجليزية، في مبنى حديث لم يتم استئجاره من وزارة التربية ولا يزاحم المناطق السكنية، ويجد فيه التلاميذ أجواء دراسية متعددة الثقافة بغير حاجة للتغريب وفقدان الهوية، وهو انجاز نوعي لا يقل أهمية عن التفوق العلمي.
نحن بحاجة الى وقفة مع التعليم العام في ضوء ارتفاع معدلات الانفاق عليه ـ 8% من الناتج القومي ـ وكثافة أعداد المدرسين، ومع ذلك يقول لنا السيد بلير «باختصار.. أنتم في خطر» وهي عبارة شبيهة بالصيحة التي أطلقت في الولايات المتحدة مطلع الستينيات بعد مراجعة شاملة لنظام التعليم هناك، كان عنوان التقرير «أمة في خطر» ومنه انطلقت مسيرة تصحيح شاملة جعلت الدولة هناك اليوم توظف حوالي 1% من الشعب فقط ـ 3 ملايين موظف في الأجهزة الحكومية ـ وباقي الـ 390 مليونا يعملون في القطاع الأهلي، بينما النسبة في الكويت هي 95% تتحمل رواتبهم الدولة!
نعم، نحن في خطر حينما تعجز الدولة عن صرف الرواتب خلال عقدين من الزمان، ولا تجد بديلا لمئات الألوف من الأولاد والبنات الذين سيعانون من البطالة والعوز، وما يتبع ذلك من معاناة اجتماعية لا حدود لها، ويومئذ ستحاسبنا الأجيال القادمة لأننا لم نحسب حسابا لهذا اليوم، واكتفينا بإشباع غرائز جيل الوفرة النفطية دونما أي استعداد للأبناء والأحفاد.
كلمة أخيرة:
قال «والدي» للطلبة في مدرسة الشرقية عام 1955 حيث كان يدرس: «اجتهدوا، راح يكون الحصول على وظيفة أمر صعب حتى لمن يحصل على الشهادة الجامعية، كملوا تعليمكم واختاروا تخصصات مفيدة، الله يوفقكم»... يقول لي الطبيب والدكتور إبراهيم المهلهل الياسين: «كان عمك أستاذ عبد المحسن مسلم الزامل يرحمه الله يشتري علبة مربى ويحطها على الطاولة في المدرسة الشرقية في حصة الحساب ويكتب المسألة الرياضية، ثم يقول «هذه المربى لمن يحل هذه المسألة».. كانوا يقدمون لنا حوافز، يشترونها بأنفسهم، ويبذلون النصائح لنا من أعماق قلوبهم».