فيصل عبدالعزيز الزامل
جاء في جريدة «الحياة»: «أصدرت المحكمة الادارية في المنطقة الشرقية حكما بإدانة ثلاثة موظفين بالرشوة والتزوير، وهم يعملون في أمانة المنطقة الشرقية وبلدية الدمام، وأشارت الجهات الرسمية الى أن تضافر جهود الادارات المختصة أسهم في الكشف عن هذه الجرائم ومن ثم إحالة المتهمين إلى القضاء، وإدانتهم بالجرم، وقد تم تنفيذ أحكام السجن والغرامة عما فعلوه» انتهى.
هذه الحادثة غير ممكن رؤيتها في الكويت، فالكلام عن الرشاوى ممتد لسنوات طويلة دون أن يسمع الناس عن ضبط ومعاقبة مرتشين في بلد المؤسسات الرقابية (...) حيث وصل إلى عضوية بعض تلك المؤسسات مرتشون ومع ذلك فهم أعضاء في لجنة التحقيق في إحدى الجهات، وربما رأس المرتشي لجنة التحقيق (...) فإذا مثل الموظف الذي يملك المعلومات أمام اللجنة تعطلت قدرته على الكلام، وهو شيء طبيعي، يقول الموظف «أحتفظ بالمستندات لحين الحاجة، ففي الكويت ما أسهل أن يحولك المرتشي إلى متهم ويضعك في مكان الادانة بدلا منه».
خذ مثلا موضوع اتهام وزير الداخلية في موضوع لوحات الاعلان، الذي وصفته محكمة الوزراء يوم الخميس الماضي بعدم الجدية، وأثبتت عبثية الاتهام، ما يؤكد أننا في الكويت نطبق القول العربي القديم «رمتني بدائها وانسلت» يعني لا أحد يتكلم عن المتسبب في تلك العبثية والعابثين، الذين انسلوا في الخفاء، وقد كتبت يومئذ «إذا كانت كل هذه الأجهزة الرقابية عندنا موجودة وفعالة ثم يتم (لطش) خمسة ملايين، فلا معنى لاستمرار تلك الأجهزة، والحقيقة هي أن من يحرك تلك الحملة هو صاحب شعار (الضربة اللي ما تصيب، تدوش)».
العجيب أن قرار محكمة الوزراء برفض القضية لعدم جديتها قد نشر الخميس الماضي في ذيل صفحة 41 لهذه الجريدة و49 لتلك، وتعجبت من صحافتنا التي تنشر بالبنط العريض كل ما يزعزع ثقة المواطنين بوطنهم، وتلاحق الشرفاء في سمعتهم ليل نهار، فإذا ظهرت براءتهم وضعوها في أقصى الجريدة، وهي ممارسة لا تخدم تعزيز ثقة المواطن في بلده، هذه الصحافة تكرر عبارة «نحن في بلد الحريات» وتتجاهل شعار جمعية الصحافيين «الصحافة = حرية ومسؤولية».
لقد صار الشك في المخلصين هو الغيمة السوداء التي يتظلل بها اللصوص الحقيقيون ولا يحرص على نشره الا من يستفيد منهم لقضاء مصالحه والانتقام ممن يكره، سواء بحق أو بباطل، ونحن المواطنين صرنا مادة لهؤلاء ومصالحهم، يا سادة، هذا البلد يمر بأزمة أخلاقية في الممارسات الاعلامية وفي الصحافة بشكل محدد، حيث يؤدي تشتيت التركيز الى خدمة الفساد، وعجز الدولة عن متابعة مسيرة البناء، وما لم تحدث مراجعة لهذه الممارسة فسنكون مادة لأصحاب مصالح استطاعوا أن يصلوا الى عقولنا عبر أموالهم وصحفهم وتلفزيوناتهم.
كلمة أخيرة:
جاء في مقال يوم الخميس «عدد الموظفين في الحكومة الأميركية 1% وفي الكويت 95%» وذلك للتنبيه الى ضعف نظامنا التعليمي والاقتصادي، وبالطبع هذه النسب مرتبطة بقوة العمل في البلدين ولا تشمل الاطفال وغير القادرين على العمل، ولا يمنع ذلك من الاشارة الى مجمل الكثافة السكانية، فالمؤشرات الإحصائية ـ كما درسنا ـ تستخدم أكثر من زاوية لتحليل مدلول تلك الأرقام.