فيصل عبدالعزيز الزامل
يقول د.مرتضى زيد المحطوري، أحد علماء المذهب الزيدي في اليمن، ورئيس مركز بدر العلمي: «لا يجوز أن يكون المذهب الزيدي ضحية لانفلات أمني، أو ارتباط ايديولوجي خارجي، فنحن نعرف ديننا بشكل جيد وكذلك نعرف دوافع الآخرين للتغلغل بيننا، ولن نسمح بذلك مهما كانت الظروف» انتهى.
لا يمكننا تجاهل الحرب الدائرة في اليمن والتي بدأت برفع شعار معروف، مثلما يحدث في كثير من البلاد العربية والإسلامية «الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، النصر للإسلام». وهو صادر عن مشاعر أسى تجتاح العالم كله، إلا أن الحكومة اليمنية اعتبرته دليلا على ارتباط أتباع عبد الملك الحوثي بإيران، وصنفت مجموعة من الشباب اليمني يصلون في الجامع الكبير بصنعاء، ويسمون أنفسهم «الشباب المؤمن» على أنها جماعة إرهابية، بل ذهبت الحكومة إلى حد مطالبة الولايات المتحدة بإدراج تلك الجماعة ضمن قوائم الجماعات الإرهابية إبان زيارة الرئيس علي عبدالله صالح إلى واشنطن عام 2007، إلا أن السلطات الأميركية رفضت ذلك الطلب، وخرجت أصوات من الكونغرس تقول: «لا يجوز أن تقارن جماعة الحوثي بالقاعدة أو أي جماعة إرهابية أخرى، فهي جماعة دينية متشددة، وكفى»، ولم تهتم تلك السلطات هناك بمطالبة الحكومة اليمنية للحوثيين بتغيير شعارهم هذا، الذي يصرون عليه، واعتبرت أميركا ذلك الموضوع جزءا من حق التعبير الحر، وهو ما لم تهضمه صنعاء، التي اتجهت نحو التصعيد، فتزايدت الأعداد المؤيدة لعبد الملك الحوثي، ولجأوا إلى الجبال الوعرة، وبالطبع انفتح الباب لمصادر تسليح متعددة.
لقد تسببت المعالجة العنيفة في معاناة شعب كامل، وفتحت الباب لطموحات إقليمية لم تكن تحلم بمثل هذه الفرصة التي قدمت لها على طبق من أرواح ذهبت وتذهب رخيصة، ولابد من وقفة حازمة مع تلك الطريقة التي نشهد لها أكثر من شبيه في بلاد عربية وإسلامية يرجح المتهورون فيها أساليب الإقصاء والملاحقة على أسلوب التعايش وقبول الآخر كما هو، هذا المبدأ الذي يرفعونه في وجه من يخالفهم الرأي، ولكنهم لا يحترمونه أبدا في أدبياتهم، ولا سلطاتهم عندما يؤول إليهم شيء من السلطة.
العجيب أن شعار «الموت لأميركا» في اليمن لم يتجاوز مسألة التنفيس عن الغضب الذي تعيشه جماهير أمتنا من المحيط إلى المحيط لما تراه يجري في فلسطين، فلم تسجل من الحوثيين حالة اعتداء واحدة ضد الأميركان أو اليهود، ما يجعل تحميل هذا الأمر أكبر مما يحتمل هو خطيئة تاريخية اقترفها نفر في صنعاء وحملوا وطنهم وشعبهم والمنطقة بأسرها تكاليف مدمرة لن تنجلي آثارها بسهولة.
من جانب آخر، يتابع الناس إخلاء السلطات الإسرائيلية منازل الفلسطينيين من أهاليها الذين يحملون معهم بطانياتهم ثم يتم هدم المنازل وتسويتها بالأرض، كي تقام فوقها عمارات حديثة للمستوطنين، بشقق فارهة ملحق بها حمامات سباحة تنتقل إليها أسر مهاجرة من پولندا وروسيا وغيرهما، ومن نوافذ تلك المباني يراقب أبناء الپولنديين والروس أطفال الفلسطينيين وهم يتجمعون تحت خيام مقطعة تحت حر شمس الصيف وفي عنفوان برد الشتاء، ثم بعد ذلك لا يريد البعض للأمة العربية والإسلامية أن تتعاطف (...) مع هؤلاء الأطفال!
كلمة أخيرة:
قبل حوالي خمس سنوات توفيت والدة الصديق والأستاذ إبراهيم دبدوب، زرته في المنزل، قال: «كان أملها أن تدفن في القدس، حيث ولدت، وهو أمر متاح للمهاجر الپولندي والروسي، وممنوع على أهل البلاد»، كان متألما، ونحن كذلك يا أبا شكري، يرحمها الله.