فيصل عبدالعزيز الزامل
نقل المؤرخ للرئيس الأميركي السابق كلينتون عنه تعليقه على فضيحته مع مونيكا في البيت الأبيض: «...ضعفت، هذا كل ما في الأمر» ونقل عنه أيضا «وجد البوليس السري للبيت الأبيض الرئيس الروسي بوريس يلتسين مخمورا يمشي خارج السكن المخصص له في شارع بنسلفانيا، يبحث عن سيارة تاكسي، فأعادوه» أضف إلى ذلك فضائح رئيس الوزراء الايطالي برلسكوني، الذي تركته زوجته لإصراره على العلاقات خارج بيت الزوجية: «ماذا أفعل، يوجد نساء جميلات في كل مكان» يقولها وكأنه ثور هارب من الحظيرة، وليس رئيس وزراء دولة.
لقد تسبب هذا الانحدار الأخلاقي في فقدان رئيس البنك الدولي لمنصبه بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه له بسبب علاقته مع سكرتيرته، وإصراره على ترقيتها بصورة غير مشروعة، ومثل ذلك يحدث بشكل متكرر في مناصب كثيرة في دول متقدمة أخرى ما يجعل الحديث عن «خطورة الخلوة بين الرجل والمرأة» موضوعا جادا لا يلام عليه الاتجاه الديني، فالموضوع لا يتعلق بالحرية الشخصية، بل يذهب مباشرة نحو أمن الدولة التي يصر الرجل الأول فيها ـ برلسكوني ـ على إقامة علاقات غير شرعية دونما اكتراث بموقعه الحساس، ومثل ذلك يقال عن رئيس البنك الدولي الذي يكتسب مكانته من الشفافية والأمانة، فإذا به يدوسهما لصالح العشيقة في لحظة ضعف رغم تحمله لمسؤوليات بالغة الخطورة.
نعم، الحرية الشخصية شيء والأمن الاجتماعي شيء آخر، ومن يخلط بينهما فإن دافعه الهوى لا المنطق، وفي نفس السياق فإن الكلام عن الاختلاط بين الطلبة والطالبات في ظروف الحياة الجامعية التي تمثل نقلة نفسية للشباب، فيها ما فيها من متغيرات جسمانية ونفسية لا يمكن التهوين من شأنها، بعد أن رأينا تأثيرها على رجال ونساء يحملون أخطر المسؤوليات، على نحو ما مر معنا، فكيف بالشباب في مرحلة حرجة كهذه؟
لقد قرأت في صحيفة سعودية لمن وصف تجربته في سكن عائد لشركة ارامكو في منطقة صحراوية نائية يجمع أسرا أميركية مع أطفالهم، يترددون فيه على السوق المركزي والمرافق المختلفة في ذلك السكن «بغير عقد ولا مشاكل مع موضوع الاختلاط» وهو بذلك يقارن بين شيئين مختلفين، فالتسوق في سائر المدن هناك لا يتم بالفصل بين الرجال والنساء، وما يشير إليه في سكن الشركة ضمن بيئة محددة الظروف، يصلح معها إسقاط تلك الصورة على ظروف النشاط الجامعي لعشرين ألف طالب وطالبة، ويمكن للمهتم زيارة موقع «national association for single sex in public school nasspe» وهي مؤسسة حكومية أميركية أشرفت على فصل التعليم في 200 مدرسة وبعد 3 سنوات من التجربة ظهرت النتائج المشجعة سواء على مستوى التحصيل العلمي وانخفاض الرسوب، أو تراجع معدل الحمل بين المراهقات!
إننا في خلاف جذري مع من يعتبر الاختلاط في الدراسة هو بوابة التقدم والسماح بتداول الخمور هو عنوان الحرية الشخصية، وسيستمر كل منا محتفظا بموقفه، والعبرة في النتائج، كما حدث في الولايات المتحدة.
كلمة أخيرة:
جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا متخصصة في الأبحاث والدراسات لطلبة الماجستير والدكتوراه، و هي فئة تختلف نسبيا عن المرحلة العمرية السابقة لها، وتختلف أيضا في طبيعة الدراسات العليا ضمن مؤسسة محافظة لا تعاني من التحريض الذي تمارسه قلة عندنا بمزاعم شكلية تخفي من الأهواء الشيء الكثير، هذه «الأهواء» تنشر الصحف أحيانا نتائجها الوخيمة، وما لا ينشر أكثر، إنه صراع لن ينتهي مع تلك الأهواء، والحمد لله أن أكثر مؤيديها في العقود الثلاثة الماضية قد تحولوا إلى معارضين لها، بفعل «الخبرة والصدق مع الذات».