حصول جريدة «الأنباء» على المركز الثالث في استقصاء محايد يتطلب تقديم التهنئة لأسرة التحرير من الزملاء والزميلات، وفي مقدمتهم رئاسة التحرير، وليست هذه مجاملة، كونها المرة الأولى بعد مرور 16 سنة من الكتابة في هذه الجريدة، بقدر ما هي مناسبة لتقدير الأداء رغم المنافسة التي ازدادت وبالرغم من ابتعاد الجريدة عن استخدام «ملفات المخافر» وتفاصيل حوادث الجريمة لاستقطاب القراء، وحتى في موقفها من الجذب السياسي في البلاد رغم أنه بالغ الحدة، إلا أنني لم أشعر بتأثير ذلك في تعامل الجريدة مع مادة التحرير، وهي ظاهرة مزعجة في الكويت صرت معها تقرأ ـ في عدة صحف كويتية ـ نفس الخبر ولكن بأكثر من صياغة يتم في كل منها توجيه الخبر باتجاه مختلف، بحسب ميول الصحيفة.
ولو أن أحدا سألني: بأي وسيلة تقيس هذا الذي ذكرته حول مسار جريدة «الأنباء»؟ لأجبت «لقد كتبت مرات عدة أنتقد الصحافة الكويتية، وأحمّل عددا منها مسؤولية التجاذب السياسي وتأليب النواب على الوزراء وبالعكس، هذا الانتقاد المتكرر لم يتعرض أبدا لإيقاف أو تدخل من جانب إدارة التحرير في جريدة «الأنباء». ما يؤكد ثقتهم ببعدهم التام عن هذا النقد».
في المقابل تكافح رئاسة التحرير ككل، والأخ عدنان الراشد بشكل خاص، للقيام باستطلاعات مهنية في بلاد شديدة التعقيد كالعراق والأراضي المحتلة وفي القرن الأفريقي وعلى ظهر حاملات الطائرات.. الخ، وهي جهود تتطلب فترة طويلة من الاتصالات المكثفة والتواجد الميداني الذي يختلف عن العمل المكتبي، الأمر الذي يبرر تقدم الجريدة في معدلات التوزيع.
نعم، نحن بحاجة الى صحافة لا تبني مجدها على مانشيت مثير «يضرب كله في كله» بقدر ما هو العمل الدؤوب والمثابرة التي لن تخطئها أيادي القراء، وقلوبهم، ومن بعدهم وطن ينشد الاستقرار ولا يقبل العيش على «القضايا الملتهبة» وأسلوب فيصل القاسم، الذي ينتقده البعض وهو أكثر من يطبقه.
نحن بحاجة الى صحافة خبرية متوازنة، فقد انتهت مرحلة ما بعد التحرير التي شهدت انكفاءة شديدة نحو الشأن المحلي، بعد أن رأينا حجم النجاح الذي حققته صحف خليجية لم تقصر اهتمامها على الشأن المحلي، وصار لها قراء في الكويت يفوقون أحيانا الصحف المحلية، لأنها تعمل بمنهجية صحافية حقيقية، وليس بأسلوب «المنشورات» التي ترمى أمام البيوت في ظلمة الليل، وليس لها من العمل الصحافي إلا اسمه.
لقد استمع المواطنون الى توجيه صاحب السمو الأمير، يحفظه الله، للصحافة.. «للقيام بدور تنموي يجمع ولا يفرق، ويعضد الجهود الصادقة وينتقد أوجه التقصير برجاء تجاوزه».. وليس الاعتياش عليه، فهل سمعت صحفنا بهذا التوجيه؟ وهل حدثت استجابة منها له؟
كلمة أخيرة:
الأخ يوسف المرزوق، رئيس التحرير، مبروك هذا التقدم، وأتمنى أن تعمل مع زملائك رؤساء تحرير الصحف اليومية على ترجمة التوجيهات السامية، عبر ندوة تستمعون فيها الى «الرأي الآخر»، من الناس ومن المراقبين المختصين حول دور الصحافة في دفع عملية التنمية في البلاد.