المواطن في الكويت يحيا حالة زعزعة متتابعة بشكل مستمر منذ سنوات طويلة رغم تعاقب الحكومات والمجالس النيابية عليه كل عام مرة أو مرتين، وهو يتساءل: من سيحميه وأطفاله من هذه التهديدات المتلاحقة؟
مقالات كثيرة كتبت ومبادرات من قوى الشعب الحية تحدثت بلغة العقل مطالبة باسترجاع التوازن الذي افتقدته البلاد منذ فترة بعيدة، حتى جاء يوم سقط فيه بلدنا كله في قبضة لصوص التقطوا رسالة خاطئة من جراء تلك الزعزعة والانقسام، وها نحن الآن نعود إلى المربع رقم واحد من جديد.
لسنا بحاجة لإجراء استفتاء عام لمعرفة رأي الناس فيما يجري، ليس لأن الكتابات تعطي مؤشرا كافيا، ولا تلك المبادرات الوطنية، بل يكفي أن نعود الى قاعة عبدالله السالم لنجد أن كل تصويت يصب في صالح «التنمية والاستقرار»، الأول تجده في نتائج انتخابات الرئاسة خمس مرات... والثاني في تجديد الثقة بوزير الداخلية، داخل قاعة عبدالله السالم وليس على صفحات الجرائد.
أين الخلل؟ وما العلاج لهذه المعضلة؟
نحن أمام نفسية هذه 12 سمة من صفاتها:
- 1- خلط المسائل عند مناقشة أي قضية، تجده قد استاء من شخص في موضوع يتعلق بالرياضة، فإذا به يتشنج عند مناقشة قضية حريق الجهراء، فإذا اندهش مسؤول الإطفاء قال له «لا أقصدك أنت، هذه رسالة لاتحاد الكرة!».
- 2- الأجندة الخاصة هي البوصلة.. (تمرير معاملات، توجيه من مركز نفوذ أيا كان مسماه).
- 3- لا يحترم الرأي المتخصص الذي يدلي به المهندسون أو الأطباء أو غيرهم، ينسف دراسات دقيقة استغرق إعدادها عدة أشهر بعبارة من نوع «انتوا اشفهمكم؟».
- 4- علاقة وثيقة بالصحف التي تبحث عما يزيد من انتشارها، بأي ثمن.
- 5- عجول، لا يهمه التثبت من المعلومة، الأمر الذي يسهل على أصحاب الأغراض السيئة اصطياده، وإذا اكتشف خطأه غمغم بكلمات غير مفهومة، ثم اختفى بصمت بغير إصلاح للخراب الذي أحدثه!
- 6- لا يحضـــــــر اللجان البرلمانية المتخصـصــــــة، وإذا فعل فبسبب وجود بند معين له ارتباط بأجندته الخاصة، ثم ينصرف.
- 7- لا يحترم نتيجة التصويت.
- 8- يجيد حسم القضايا التي تهمه خارج البرلمان، بتهديد الحكومة التي تتردد في الموافقة على المشاريع، ولكنها لا تتردد لحظة في الخضوع للتهديد، مع الأسف الشديد.
- 9- له طبيعة ثأرية، يحوّل كل خلاف في الرأي الى خلاف شخصي بحت، ويتحين الفرصة لتصفية الحساب مع من يخالفه الرأي.
- 10- تتساوى عنده القضايا الكبيرة مع الصغيرة في وارد التأزيم، فإما الرضوخ المستمر، أو الحرب، مهما كانت المسألة تافهة «غريب».
- 11- يتلاعب به المحرر المغمور الذي يريد أن يكون مشهورا بسرعة بأن ينسب تصريحا لشخص، وهو يعلم أن ذلك يثيره، ثم يهرول إليه لمعرفة رد فعله على ما لم يقله أحد!
- 12 – في الآونة الأخيرة اتجه نحو إحراج القيادة السياسية بعد النطق السامي مباشرة، مع اختيار تاريخ قريب من موعد انعقاد القمة الخليجية على أرض الكويت إمعانا في الإحراج.
هذه النفسية تهدد البلاد بالضياع لأنها لا تعرف متى تتوقف، بل لا تملك القدرة على التصحيح، شعارها «مشيناها خطى كتبت علينا.. ومن كتبت عليه خطى مشاها».
الناس اليوم يتلفتون بحثا عن منقذ، من هذا الذي يريد أن يأكل مستقبلهم، وقبله حاضرهم، ويتساءلون: من يحمينا؟
كلمة أخيرة :
شاهد عمر بن الخطاب، عبدالله بن مسعود، رضي الله عنهما، وهو يمشي في المدينة ومن خلفه عدد من طلبة العلم من تلاميذه يمشون خلفه، فرفع درته ونفحهم بها حتى تفرقوا وهو يقول: «لا تعودوا لمثلها، فإنها فتنة للمتبوع، ذلة للتابع» ثم التفت لابن مسعود قائلا: «اجلس في المسجد، فمن أرادك فليأتك هناك».