جمعتني مناسبة مع وزير عربي سابق عام 1988 ودار حديث عن تجربته فقال: «... وأول ما الواحد يدخل الوزارة ياخذ إبرة بنج، كل حاجة عال، والناس همه اللي مش فاهمين وليس في الإمكان أحسن مما كان لغاية ما يطلع من الوزارة وينتهي مفعول الإبرة، يرجع يتكلم زي الناس».. تذكرت هذه المحادثة في وارد طريقة بعض المسؤولين في تقييم أداء بعض الأجهزة الحكومية، حيث يسارع الى الدفاع عن أخطاء غير مقبولة في أجهزة ذات خبرات متراكمة وإنجازات طيبة، مثل الهيئة العامة للرعاية السكنية، التي نفذت مشروع مدينة سعد العبدالله بكم كبير من الأخطاء لا يتناسب مع خبرتها الطويلة، حيث يؤدي تبايع عقود المقاولات بين الشركات الى «عصر» بنود الميزانية لتحقيق أرباح على حساب المواطن، فيستفيد البائع الذي فاز بالمناقصة وتخسر الهيئة سمعتها العريقة، ومن ورائها الدولة، والصحيح أن يتجه المسؤول الى المتسببين في تلك الأخطاء بالمساءلة، بدلا من أن يحتمي هؤلاء بوزراء يتعرضون للمضايقة بدلا منهم.
إسقاط فوائد الديون
هذا التوجه خطير للغاية كونه يدفع باتجاه التحلل من الالتزامات بالمطلق، مع التحفظ على آلية الاقتراض التقليدي، وقد مارس بعض النواب التغرير بالمواطنين على مدى عشرة أشهر وعدوا فيها بمثل هذه الهبات غير العاقلة، التي تمنح بعض المواطنين أفضلية على البعض الآخر، فسارع هؤلاء خلال الأشهر القليلة الماضية للاقتراض على أمل إسقاط تلك القروض عنهم، هذا التوريط من يتحمل مسؤوليته؟!
في المقابل يجب أن تتم مراجعة بعض البنوك في بناء الفائدة بشكل تصاعدي لا تراعي فيه انخفاض سعر الخصم، فهي تسير في اتجاه واحد، ولا تشجع المدين على الانتظام في السداد مثلما تفعل بنوك أخرى تنظم استقطاع القسط الشهري بشكل آمن ومنتظم، ناهيك عن منح القروض بشكل نقدي لا يقابله شراء أصل أو الالتزام بوجه الاستخدام الذي صدر بموجبه ذلك القرض، هذه المسؤولية على بعض المصارف تضيف سببا آخر لرفض مشروع القانون الذي يكافئ بصورته الحالية البنوك التي شجعت المقترض على التورط، وفشلت في تحصيل الدين اعتمادا على آلية «الفائدة المركبة» التي زادت من حجم تلك القروض التي وجهت في بعض الحالات نحو المضاربات في سوق الأسهم أو العقار.
جسر جابر/ الصبية
أخيرا تم توجيه الدعوة لمقاولين لتجديد عطاءاتهم لتنفيذ هذا الجسر الذي كتبت عنه أول مرة عام 1976، واليوم تقدر تكلفته بـ 3.7 مليارات دولار، وإذا تأخر سنتين سيرتفع الى خمسة مليارات، نرجو ألا يتعرض لانتكاسة في مراحل التأهيل والترسية والتنفيذ، فهو ليس مشروعا، بل نقلة كاملة للكويت باتجاه نصفها غير المستغل، الأمر الذي سينعكس على أمور كثيرة جدا مثل مدينة الحرير 77 مليار دولار وميناء بوبيان 6 مليارات دولار ..الخ.
إنها مرحلة جديدة تتطلب توالي الخطوات بمنهجية عملية وتفكير علمي رشيد، ولن ننسى رجال هذه المرحلة ـ ونساءها ـ فهي التي سنورثها للأجيال القادمة، مثلما تلقينا ما قدمه لنا جيل الاستقلال، جزاه الله خيرا.
كلمة أخيرة
يجب أن تلاحظ الشركات الاستثمارية المرحلة الجديدة في الاقتصاد الكويتي وتخصص جزءا من محفظتها الاستثمارية لتفعيل هذه المرحلة، وسيقطف الثمرة الأسرع من بين تلك الشركات في بناء تحالفات فنية، مثلما فعلت شركة نور، على سبيل المثال، في تنفيذها لمطار الملكة علياء بالأردن من خلال تحالف مالي/ فني، دولي.