فيصل الزامل
لا يوجد تناسب بين جرأة القطاع الخاص وعـجز القطاع الحكومي على كل مـستـوى، واهمها اتخاذ القرار والقدرة على الدفاع عنه.
بالامس نشرت الصحف توقـيع شركتين كويتـيتين عقـدين كبـيرين، الصفـقة الاولى وفيهـا اشترت شركـة «الدار» شركة «اوستن مـارتن» البريطانـية للسـيـارات من مالكهـا الحالي، وهو شركة «فورد» الاميركية، بقيمة خمـسمائة مـليون جنيه اسـترليني تقـريبا، وهي شـركة عـريقة في صناعـة السيـارات عمرها 85 سنة، الصفقة الثانية ابرمتها شركة «آلافكو» لتـمـويل شراء وتأجـيـر الطائرات بقيمة 5‚3 مليارات دولار «حوالي 1000 مليون دينار» لشراء 30 طائرة بوينغ الأميركية.
لنبـدأ بتـقـيـيم الجـانب السـيـاسي، ثم الاقتصادي، فـقد كان اداء الصندوق الكويتي للتنمية سببا لتعزيز وزن الكويت السياسي، واليوم نتجه نحو مرحلة جديدة يمثل القطاع الخـاص الكويتي فيـها قـيمـة «سيـاسيـة» مـضافـة للدولة، على المسـتوى العـربي، لما يقوم به هذا الـقطاع من عمليات اسـتثـمارية وتنموية ضـخمة، ما جـعل العديد من الدول تحـرص على تشجـيع حضـوره في بلادها، وهي قـيمـة مـحـسوبة ـ في النهـاية ـ لهـذا الوطن، وعلى المسـتـوى العـالمي ينظر الرأي العـام الاميركـي والحكومة الامـيركيـة، الى شركة بوينغ على انها رمز للتفوق الصناعي، ومع بروز المنـافس الشـرس لهـا، شــركـة ايرباص، فان قيـام شركة كويتـية بشراء 30 طائرة في صفـقة واحدة يعني الكثيـر، سواء في وارد الوظائف التي يستخـدمها اي مرشح للرئاسة وغيرها كمادة في حملته الانتخابية، او في وارد التـمــويل للبنوك التي تـشـعـر باسـتقـرار شركـة بوينغ مع ارتفـاع معـدل المبيعات وزيادة التشغيل.
على المستوى الاقتـصادي، تناول عدد من المحـاضرين في مـؤتمر غرفـة التجـارة يوم امس الاول مسألـة اعتماد الاقتـصاد الكويتي على «البترودولار» وان اقـتصاد الكويت هو رهينة لسـعـر النفط وكـميـة الانتـاج التي تحددها الاوپيك، ولا تملك الـكويت السيطرة على هذين العنصريـن، ما يجعل اقتـصادها مضطربا بالضرورة، ومثـلما بلغت الاسعار 30 دولارا في بداية الثمانينيات ثم رجعت الى 8 دولارات، فـلا شيء يمنع عـودتهـا الى 40 دولارا من الاسعـار الحاليـة، في حين ارتفع بند المصـاريف من 300 مليون قـبل 20 عامـا الى10 بلايين دينار سنويا وبغـير بقاء سـعر النفط عـند 50 دولارا فليس امــام الكويت الا الاقـتـراض لتـمـويـل الخـزينة، او خـفض الرواتب.
في ظل هذه الاوضـاع، الـقطاع الخـاص يسـير في الاتجاه الـصحيـح نحو تحقـيق مداخيل خارج دائرة «البترودولار» والكويت تواجه قـضية مـصيرية، حـيث يؤدي النهج الحالي الى اضطرابات اجتماعـية وسياسية وفوضى شـاملة عندما تختل مـعادلة الدخل المعتمد كليا على النفط.
الذيـن شكـكوا فـي القطـاع الخــــاص يتـجـاهلون انه زاد من عـدد الكويتـيين في الشــركـات التـي يديرها، وتلك الـتي باعت الدولة حصتها فيـها، كالاتصالات التي كانت قبل عشـرين عاما مملوكة مـن 5200 مساهم اليـوم مملوكة من 15600 مـسـاهم، يمثل كل منهم عائلة من 3 ـ 5 اشخـاص، تضاعف عدد الكويتيين العـاملين فيها من 250 مـوظفا الى 607، ارتفعت ايراداتها من 120 مليونا الى 1200 مليون دينار، انتشرت عـالميا ولا تعتمد على الانفاق الحكومي. . الخ.
نعم القطاع الخـاص الكويتي هو شـريك في التنمـية، ان لم يكن في الكويت فـفي مدن عربيـة كثيـرة، بل واجنبيـة، ومن المعيب ان نعجز عن الافادة منه، لمواجـهة ايام العجز ـ المؤكد ـ القادم، فقـد اعلنت التأمينات بالامس انها ستـواجه عجزا في صـرف الرواتب عام 2015، ومن عاداتنا السـيئة اننـا لا نلتفت الى التحـذيرات، ونفضل ان يجتاحنا الاعـصار، حتى نصدق.