فيصل الزامل
هذه الجمـاعات الضـاغطة في الكويت، هل هي ظاهرة ديموقـراطية علينا أن نتعايـش معها أم ماذا؟ تحت مـسميات كثـيرة، داخل البرلمان وخـارجه، بعـضهـا يضم عددا أي عـدد، وبعضـها لا يتـجاوز عـددها أصابع اليـد الواحدة، ومع ذلك فـهي تجيد فنون الإعـلان عن نفسـها، والصحافة عندنا ـ أو بعضها ـ «الله خير».
البعض يرى ان قـيام نظام الأحزاب كفـيل بتقليل هذه الظاهرة، اذا ما تم توجيه مسارها بقـوة القانون كي تنضوي ضمن واحد من حزبين يرخص لهما، لا ثالث لهما.
هذا الكلام هو من الأماني الجميلة، فنحن أمة شعارها «كيف يجتمع الشــامي على المـغـربـي»، ولا نحب حكاية «ســمك لبن تمـر هندي»، وبالتالي فإن التكتلات ستستمر داخل الحزبين، وتقضي عليهما عمليا، ولا مفر، اذا مـا طبق النظام الحزبي، من ان نكون «شيـعا وأحزابا، كل حزب بما لديهم فرحون».
هذه الشــيع والأحـزاب لا يهــمـهــا ـ بالضـرورة ـ ان تفــوز في الانتخـابات، ولا يعنيهـا النص على نسبـة يجب ان تحصل عليـها كي تُمثل في البرلمان، فـمطالب اكثر هؤلاء لا شأن لهـا بالحكم، بعضهم له «فكر»، وآخر له «مصـالح»، وثالث تحركه مسألة شخـصية، ويفرغ ـ من خلال تلك اليافطة الإصلاحية (. . . ) ما في جعبته الشخصية.
اننا بحــاجـة الى المنطقـة الوسـط بين الكبت ومنع التــشكيـلات والتجمـعات من جانب، والإفراط في هذه الممارسـة وتحويلها من اداة الى غاية بحد ذاتها من جانب آخر.
نعم، هي اداة من أدوات التعبير، ولـيس من علامات الصحة ان يتم اغلاق هذه الـنافذة لتـجديد هواء المنزل، واذا انتـقلنا الى خلع الأبواب والشـبابيك، ونزع السـتـائر بحجـة ادخال الهـواء، فـقد انتـقلنا الى الفوضى.
واذا كان منسوب الفهم الشرعي لمعنى «الطاعة» منخفضا فإن الأمر يسـتحق التـوعيـة، فهناك عـقد بين طرفين «أطيـعوني مـا أطعت الله فيكم». . وفي الدول الحـديثة يسمون ذلك «السلطة الدسـتورية» وهي في مـجملهـا تسعى الى حـمـاية السلطات من سوء الاسـتغـلال، وفي الوقت نفسه تمنح المشروعية لقرارات قيادة الدولة.
كان من صـفات أهل العراق حـينما كانوا في جـيش الإمام علي ( رضى الله عنه ) وهو يواجه جـيش معاوية كـثرة الجدل والاخـتلاف، فقـال لهم الإمام علي ( رضى الله عنه ) : «يا أهل العراق، الا ترون بريدي يذهب الى مـعاوية ويعود فـلا يسـأله أهل الشـام بم دخل البـريد وبم خـرج، وانـتم لا يكاد بريد معاوية يأتي الي حـتى تجتمعوا عـندي وتسألوني، بم دخل وبم خرج بريده؟».
انها صفة ذميمة، ألا تتمـتع قيادة الدولة بحرية الحركة، والا يتيح الناس لإمامـهم الذي وكلوا اليه أمر الدولـة ان يخطئ، فإن خطأه وهو حريص على الصواب، أفضل من صواب من يخـرج عليه، إذ ان مجموع فساد الخروج عن طاعته يطيح بذلك الصواب ويمحقه.