كان د.ناصر الصانع يلقي كلمة في مؤتمر عن الحكومة الالكترونية قبل حوالي ست سنوات بحضور سمو أمير البلاد يوم أن كان رئيسا للوزراء، عرض د.الصانع الخطوات التي تمت في هذا المجال واستعرض بعض الانجازات بلهجة ايجابية وبما يتناسب مع طبيعة المناسبة، أثناء لقائه بسمو الأمير حفظه الله سأله قائلا: «د.ناصر هذا الكلام الجميل ليش ما تقوله في المجلس كنائب؟».
ابتسم الصانع قائلا «هناك غير، طال عمرك».
هذه الحادثة متكررة مع عدد من السياسيين الذين ينتقلون من كرسي الوزارة الى النيابة أو العكس، وربما كان آخرهم د.يوسف الزلزلة الذي كان أداؤه مميزا كوزير، وأيضا كنائب، غير أن لغة الكلام اختلفت في وارد النظرة نحو خطة التنمية بحكم الموقع، وأتمنى ألا يزعل هذا الكلام الإخوة المذكورين لما لهم من مكانة عندي ولكنها حقيقة لم يسلم منها إلا القليل، فقد كان د.أحمد الربعي يرحمه الله من أكبر المؤيدين للتعليم المشترك ـ الاختلاط ـ في الجامعة ومع ذلك فقد صدر قانون منع الاختلاط في عهده كوزير للتربية عام 1995، ورغم دعمه اللامحدود للتنوير ونشر المعرفة فقد تعطل تنفيذ قانون التعليم الإلزامي رقم 11 لسنة 1965 في عهده أيضا بسبب مراجعة تنظيم هيكل الوزارة الذي شمل عددا من إدارات وزارة التربية، واختفت من هذه المراجعة الإدارة المشرفة على تطبيق قانون التعليم الإلزامي وأصبحت مهامها جزءا هامشيا من أعمال إدارة أخرى، فأصبح القانون حبرا على ورق، بينما كانت تلك الإدارة تتابع كل مولود بعد مرور السن اللازمة لدخوله المدرسة وإذا لم يظهر اسمه في سجلات المدارس يتم استدعاء ولي أمره وإلزامه بإدخاله المدرسة وفقا للقانون، حتى لا يخضع هذا الأمر لمزاجية الأب أو للخلافات العائلية، هذا الأمر تعطل منذ سنوات طويلة، وبالتأكيد له آثار سلبية، فهناك عدد ممن لم يدخل الى المدارس نتيجة لغياب المتابعة، في المقابل سارت دولة قطر على هذا النهج بخطى حثيثة.
لقد استطاع بعض السياسيين أن يوفق بين قناعاته وتحديات الساحة السياسية، مثل النائب السابق وليد الجري الذي كان نجاحه في الانتخابات شبه مؤكد ولكنه امتنع عن الترشيح – وليسمح لي – لأن الوضع في منطقته يتطلب الدخول بالفرعي وهو أمر لا يتفق مع قناعاته، استطاع مقاومة الإغراء بل والضغط الذي وصل الى نشر إعلانات من ناخبين طالبوه بالترشح، لكنه فضل أن ينجح أمام نفسه قبل أن ينجح أمام الناس.
من بين الذين نجحوا في التعبير عن قناعاتهم دون الخضوع لوهم ضغط الشارع، النائب حسين سيد القلاف الذي مارس النقد الذاتي للأداء النيابي، ومنهم أيضا النائب عادل الصرعاوي في تغلبه على المجاملات لأنصاف قياديين تعرض لهم بعض النواب دون أن تتاح لهم فرصة الإيضاح إلا عبر القضاء، ما أدى الى دعمه لإتاحة الفرصة لهم للتقاضي، ومن بين هؤلاء أيضا النائب السابق مبارك صنيدح الذي جعل ضميره السلطان الوحيد على موقفه من قضية استجواب د.عادل الصبيح، لعلمه بأن البقاء في الكرسي ليس هدفا، هذا الكرسي الذي فقده كثيرون «تشقلبوا» في مواقفهم لضمان البقاء فيه، فخسروه وخسروا أنفسهم، بينما كسب السيد مبارك نفسه وضميره.
نتمنى أن تزداد هذه الفئة، وأن يحافظ أصحاب المبادئ على ثباتهم، ليكونوا قدوة للمجتمع، وللجيل الجديد الذي يراقب ويسجل، وسيتحدث تفصيلا وبالأسماء في المستقبل.
كلمة أخيرة: حادث السباق الجنوني في «وصلة الدوحة» ليس جديدا، استمعت الى تحذير الأخت عائشة اليحيى عبر الإذاعة من كارثة قادمة جراء تلك السباقات، وأيضا تلقت الجهة المختصة تحذيرات من أولياء أمور، وكان رد الفعل هو التجاهل «اذا صار شيء خبرونا» كما نقل في تفاصيل الحادث الدموي، ولا حول ولا قوة الا بالله.
[email protected]