فيصل الزامل
الصــادرات والواردات بين اســرائيل والدول العربية ـ تقـول جريدة ميد ـ هي واقع يعـرفـه المختصون، سـواء بشكل مباشر كما في حالة مصر والاردن، او عبر شركـة مسـجلة في اسبـانيا للتـعامل مع المغــرب العـربي او مــسـجلة فـي الهند للتـعـامل مع دول المشـرق، او من خـلال التـعـقـيـد التكنولـوجي الذي يجـعل من جهاز هاتف صغيـر موطنا لمنتجات ثلاث دول، الرقائق من دولة والشاشة. . الخ.
هذا الواقع، الذي نرفـضـه شـفـهـيـا، تحول الى ارقام كبيـرة (مصر تــستورد بـ 93 مليون دولار وتصـدر بـ 50 مليونا الى اسـرائيل، الاردن 116 مـليـونا واردات و60 مليــونا صــادرات الى اســرائيل). . والجـدول يشـمل كـافـة الدول العـربيـة بأرقام مـتفـاوتة، وهي تنمو بمـعدل 19% سنويا.
سـبق ان اشـرت في هذه الزاوية الى ان اسرائيل تخـشى، منذ تأسيسهـا، ان تغرق في الكثافـة البشرية العربيـة، ولهذا كانت المستـفيد الاول امنيـا، من تخوين من يزور اسرائيل، وربما كـانت «هي» وراء تسريب هذا التخوين عبر وكلائها خلال نصف قرن مضى.
ان فلسطين لـيـست قـضـيــة خـاصـة بالشعب الفلـسطيني، ولهذا فان تجـاهلها شعـبيـا كما يحـدث الآن هو تقصـير، ورد فعل لتـداعيات الاحتـلال العراقي للكويت، ولكننـا نشـاهد هذه الايام ارتفــاع ارقـام الاستـثمـارات الخليجـية في الاردن، وفي مقدمتـها الاستثمارات الكويتـية، فلماذا تم تجـاوز مـرحلة الاحــتـلال في وارد الملف الاسـتـثــمـاري في الاردن، بينمــا تبـقى فلسـطين خــارج مـنطقــة الـتــغطـيــة الاستثمارية؟!
اننا نعتـقد ان للاستثمارات العربية في اسرائيل دورا كـبيرا في تعزيز الهوية الاسلامية والعربية داخل فلسطين، ولا يجوز ان تنشط الصادرات الاسرائيلية الى البـلاد العـربيـة عبـر وسـائل وطرق متنوعـة، ولا يستفـيد الجـانب العربي من فـتح هذه الطرق بشكل رسـمي، فـالعبـرة بالنوايـا، واذا كـانت هذه المرحلة لـيـست مـرحلة قتـال بالسـلاح العـسكري، فليكن التـفـاعل الاقتــصادي سـبـيلنا للـقـيـام بواجـبنا الذي يبـدو ان اكثـرنا «سـعيـد» لتعذر القيام به!
لقد ادى بـطء تحرك «حمـاس» في ملف التعـامل السيـاسي مع اسرائيل الى فـتنة بين اهل فلسـطين، وهو عـجـز مـرفـوض، فـأحكام الهـدنة مـعـلومـة في الشـريعـة الاسلامية، وعلى المسـتوى السياسي يدعم اسـتفـتـاء شعـبي الاتجـاه الذي تختـاره الدولة، او ان يخـتـار الناس شـيـئـا آخـر فتلتزم به، أما الوقوف في منتصف الشارع بين الرفض والحـاجة لاتخـاذ خطوة فهـو تردد قاتل.
لقد اسـتطاع البنك الاسلامي للتنمـية ـ كمـثال ـ تجهـيز مسـتشفـيات وجامـعات داخل اسرائيل عبر فتح اعتمادات مصرفية في تل ابيب وغـيـرها، من خـلال الجهـات المنفـذة لهذه المنشـآت التنموية واسـتفـاد منها الشـعب الفلسطيني، هل كان المطلوب هو ايقـاف ذلك وترك هذا الشعب، حـتى لا تمر المعــامـلات من خــلال المؤســسـات الاسرائيلية؟ أليس من قواعد الشريعة «ما لا يتم الواجب الا به، فهو واجب»؟
نحن في مرحلة جديدة، يستـجمع فيها الشـعب الفلسطيني قـواه، وابرز اسبـاب القـوة المادية هو الجـانب الاقـتـصـادي، ونحن نتـحـمل في البلاد الـعربيـة دورا كـبيـرا في هذا الصـدد، علينا ان نمارسـه بكل ثقـة، وبنيـة صـافـيـة تجـاه واجب شرعي ووطـني عبثـت به اياد مشـبوهة، لبـست فـيـه الحـقـائـق على الناس، وآن الاوان لتـخليص تلك الرؤية من الغـبـار، واطلاق البـحث الشرعي الحـر والصادق لاسـتكمـال جـوانب التـعـامل مع العـدو الغـاصب واحكام الصـلح، وعـدم تعطيل الشريعة. . بفعل فاعل.