انتقلت عدوى من النواب الى المسؤولين في عدد من الوزارات فيما يتعلق بعدم اكتراث النواب المشاركين باللجان بحضور كبار المسؤولين في الوزارات والهيئات عند مناقشة مواضيع تخص وزاراتهم في تلك اللجان البرلمانية، حينما ينظر بعض النواب بشيء من الازدراء للمسؤولين الجالسين أمامه: «وين وزيركم؟ إحنا ما نتكلم معاكم؟» ثم يترك الاجتماع ماشيا كما يمشي الطاووس، مثل هذا السلوك انتقل الى اجتماعات حكومية يتم التجهيز لها بواسطة المهندسين أو المحاسبين أو الأطباء، فإذا بدأوا الشرح انشغل عنهم الكبار بالمسجات، والرد على اتصالات، ثم عبارة تنزل كالصاعقة على من انتظر تحديد موعد هذا اللقاء منذ أسابيع وجهز له منذ أشهر «باختصار لو سمحت، عندي موعد مفاجئ، يعني من الآخر شالمطلوب؟» أي أنه لم يسمع شيئا مما قيل، ذهنه خارج الغرفة.
نعم، هؤلاء لا يستطيعون رؤية المهنيين المتخصصين الجالسين أمامهم، اعتادوا على رؤية من هو أعلى منهم في المستوى الإداري، على طريقة التمثيليات العربية حيث يتغير تصرف الموظف بعد خروجه من غرفة المدير بهدوء وسكينة ثم يصرخ في أول موظف صغير يلتقيه بالممر، هؤلاء لا يغطي «رادارهم» من يلبس البلسوت، أقصد به من يده بالشغل المباشر، هذه العدوى انتقلت إليهم من بعض النواب الذين تسببت رؤيتهم اليومية للوزراء، والمداعبات المستمرة معهم التي وصلت الى مباريات الكرة الرمضانية، وامتدت تلك الألفة لتصيب بالضرر الموظف العادي الذي يقوم بالعمل الحقيقي، ولكن شاشات الرادار لا تستقبله، لهذا أتفهم من يثير التساؤلات بشأن قدرة جهاز حكومي هذه مواصفاته على تنفيذ خطة طموحة بالمليارات، فالأمر ليس بالسحر، ولابد هنا من ايراد ما سبق أن ذكره العم يوسف المخلد، نائب رئيس مجلس الأمة السابق أثناء مناقشة خطة خمسية سابقة لم تر النور،
سألهم «تقولون إنه في نهاية السنوات الخمس القادمة سيكون عندنا كذا طبيب من هذا التخصص وكذا من ذاك التخصص، شيء جميل، بعيد خمس سنوات، صح؟».
قالوا «صح».
قال «كم عدد المبتعثين لهذه التخصصات في العام الحالي؟»
قالوا «لا أحد» فضحك الحضور.
لا نريد أن يعيد التاريخ نفسه، وبصراحة هناك فجوة كبيرة بين صانع القرار والعاملين في الميدان، بعض العاملين جيدون ولكنهم مهملون على النحو الذي ذكرناه، والبعض الآخر محبط تماما ويحتاج الى «باليش» أو خضة ليتحرك، وهناك جزء يجب أن يغادر فورا، لأنه عاطل ومعطل.
وسلامتكم.
كلمة أخيرة:
يجب أن تكون هناك جائزة للوزارة التي تتفوق في تحقيق أهداف الخطة على غيرها من الوزارات وذلك وفق مؤشرات أداء محددة، مثلما تفعل البنوك ـ بلاش البنوك ـ مثلما تفعل الجمعيات التعاونية.
يا جماعة تحركوا، دولة بكاملها تواجه التحدي، وانتم رأس الحربة في صناعة النجاح، أو التسبب بالفشل، ترى الخمس سنوات صارت أربعا، والأربع تمر كالبرق، ويومها اعذرونا عندما ننتقل الى مقاعد المعارضة، فلا عذر للفشل إذا حدث إلا الكسل والتعود على الرخاوة، وهو ما يمكن التهاون معه.
[email protected]