فيصل الزامل
نجـاح الحكومـة الجـديدة ليس مرتبطا باسـتمرارها من عدمـه، فقد تعودت الكويت علـى حكاية حكومة سنـة «زايد ناقـص»، الأهم مـن ذلك هو تغـيـيـر النهج داخل الحكومـة وفيـما بينهـا وبين النواب ولا أقول المجلس.
«داخل الحكومـة» يجب أن يكون التضـامن الوزاري في اتجاهين، من الوزير تجاه الحكومة في التصويت الجماعي معهـا والالتزام بمقرراتها، وكذلك من «الحكومـة» تجاه الوزير الذي يتـعرض لمضـايقـات سبـبهـا التـزامه بسـياسة الـدولة وسعـيه لتنفيـذ البرنامج التنمـوي لها، إذ لا يجـوز أن يقف منه أعضاء الوزارة موقف المتـفرج، وأحيانا الطعن في الخاصرة، اي تضامن وزاري هذا؟!
لقـد درجت الحكومـات السابقـة على فهم «التعاون مع مجلس الأمة» على انه اسـتخـدام المال السيـاسي، هذا التـعاون الفـاشل الذي أدى إلى تخـريب الذمم ولم يحقق للحكومـة أو السلطة شيـئا يذكر، هو بحـاجة إلى إعادة تعريف.
نعـم، الحكومـــات في الكـويت قـصـيـرة الأمد زمنيـا، وإذا كـانت ستسـتقيل فليكن ذلك لسـبب وجيه مـثل إعادة تعـريف التعـاون أو أن تسـتـمـر بكل كـفـاءة، فـيـتـوقف اســتــقــبــال النواب في مـكاتب الوزراء أو المسـؤولـين، وذلك بشكل جـمـاعي لا يشـذ عنه وزير بأجندة خاصة.
انه نهج جديد يجب أن يكون احد افرازات التجربـة الأخيرة، وإذا كان لا بد للمـرء من أن يـفـقـد منصـبـه الوزاري، ســواء اسـتــخــدم المال السيـاسي أو كان صادقا مع نفـسه، فليطبق الـثانيـة، ويخـرج رافـعـا رأسه ومحققا ذاته، وإذا كان هذا هو سلوك الجمـيع فسـيسقـط تعريف «وزير تـأزيم» الذي يتـم إطلاقه حاليا على من يرفض استخدام المال السياسي.
ثانيا، تغـيير النهج في التـعامل مع مجلس الأمة ـ وليس مع عدد من النواب ـ واسمح لي عـزيزي القارئ بان أقدم هذه الحادثة التي يرويهـا نائب كويتي زار فـرنسا ضـمن وفد نيــابـي، يقــول النائب «ســـألنا البــرلمانيـون الفــرنسـيــون عن أوضاعنا السياسية، فقلنا لهم: نحن الآن نعـيش أجواء الاسـتـجـواب الثـالـث في عـمـر هذه الحـكومـة، سنتان وهي تتأرجح وقد تسقط في اي لحظة قـبل الاستـجـواب، فقـال نائـب فــــرنسـي: الوضـع عنـدنا مختلف، نحن نـناقش الحكومة فور تشكيلهـا في خطة عـملهـا، وندخل التـعديلات التي نراها، ثم نتـركهـا تعـمل ونراقبـها ونرصد الانـحراف عما تم الاتفاق عليه». انتهى.
هذا النهج العقلاني نحـتاجه في الكويت، لا يعقـل القول «دور النائب هو الصراخ ودور الوزير هو العمل، كـــــيف يمـكنـك ان تبـني مـنزلا ويتــخـــصص في إرباك الـعــمل شخص، اعتقـد خطأ ان ما يفعله هو «رقابة».
إننا أمام منعطف تـاريخي ولن ننـاشـــــد الوعـي الوطـني لـدى السـيـاسـيين الذين هم في النهـاية بشر يـتأثرون بما تخـتاره القـيادة السيـاسية لهـذا الوطن، والمرجو أن تكون قد اقـتنعت بتغييـر الأساليب السـابقـة وافـتـتـحت بـالتـشكيل الوزاري الجديد مرحلة جديدة.