اذا حدثت الكارثة الجوية التي حذر منها رئيس مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية بكتاب رسمي وجهه الى السيد وزير المواصلات، وبحث المختصون عن الصندوق الأسود فهل سيجدون فيه اسم النائب الذي قال لوزير المواصلات عن صفقة شراء الطائرات الجديدة، التي مرت بجميع اجراءات المنافسة بين 12 شركة دولية، وفازت عليها جميعا شركة وطنية تملك الدولة نصفها، قال النائب «مساكين، قصوا عليكم، السعر غالي»، وبسرعة البرق انهار النظام الرقابي ممثلا بلجنة المناقصات واهتزت السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة التي كافح وزيرها الشجاع لزيادتها شجاعة فوق شجاعتها (...) وتم إلغاء الصفقة لارضاء نائب لن يكشف الصندوق الأسود اسمه في ذلك اليوم الأسود ولا سبب كلمته تلك التي يقول البعض «لأن الصفقة لم تسمح بدخول وسطاء، عادوها»، نعم لن يكشف الصندوق الأسود أسماء المتسببين، بل ستجد هذا المتسبب أول من يرفع عقيرته بالصراخ ويطالب بمحاسبة وزير المواصلات الجديد على شيء هو الجاني الرئيسي فيه، ويطبق حرفيا «يقتل القتيل ويمشي في جنازته»، طبعا هناك من سيقول «لا تخوفون الناس» وكأن التحذير قد جاء من شخص مغمور وليس رئيس المؤسسة الذي يعرف حقيقة الوضع تماما وقال لنا ما معناه «المسألة مسألة وقت».
أما مسألة «أصول المؤسسة مغرية للشراء» وكيف نوفق بينها وبين ذلك التحذير فهذه قضية مالية يعرفها المختصون، كثيرا ما تم شراء شركة تظهر ميزانياتها خسائر ضخمة ولكن عند البيع يتسابق المشترون على الشراء بسبب حيازتها قطعة أرض ضخمة أو حقوق ملكية لوكالات أو براءة اختراع ..الخ، فـ«الكويتية» سيئة من الناحية التشغيلية وليس من جهة الأصول التي تمتلكها والتي تشكل الطائرات القليلة أسوأ جزء فيها، وقد بدأت بوادر الكارثة ـ كما سيخبرنا الصندوق الأسود ـ بصدور قرار يؤجل جميع خطط التطوير، «ما أدى الى عجزها عن تأدية واجباتها على الوجه الأكمل» وبالطبع تم منح الأولوية للعمالة الفائضة على حساب بنود تشغيلية خطيرة، حيث يؤدي انهاء خدمات شخص واحد الى «تحريك القواعد الشعبية» وأما نقل قطع الغيار من طائرة لأخرى بدلا من الشراء فلن يثير اهتمام أحد، الى أن يفتح الصندوق الأسود، حينها ستسجل القضية ضد مجهول، والوقت كفيل بدفن أكبر مأساة!
لقد نجحت مؤسسات النقل الجوي الوطنية ـ دعك من الخليجيات المدعومة من دول ـ وثبت أن صناعة النقل مربحة وآمنة، وتفوقت شركة تأجير أيضا وطنية، ما يجعل نجاح «الكويتية» أمرا ممكنا لولا «السياسة» التي أتلفت كل شيء في هذا البلد، والتي لا تفرق بين إلغاء «الداو» وما تسببت فيه من خسائر مادية واستراتيجية، وايقاف تطوير اسطول «الكويتية» وما يعنيه من تفريط يتعلق بأرواح اسر كثيرة، وفضيحة مدوية لسمعة الكويت.
وبالنظر الى أن السلطتين تتجاهلان نداءات التحذير المتكررة فليس أمام الشعب الكويتي الا خطوة واحدة وهي مقاطعة ركوب طائرات «الكويتية» اذا أتيح لك البديل، اتركوها تخدم خط نيويورك ـ بومباي الذي يحظى بأفضل الأسعار، انتقلوا الى الخطوط الوطنية والخليجية، فقد سمعت من موظفين في «الكويتية» أنهم لا يسمحون لأفراد أسرهم بركوبها، ولا يملك أحد رد القضاء اذا وقع، كل ما نسعى اليه هو ايصال صوت الناس وخوفهم الى داخل قاعات المجالس العليا والبحث عن موقع بين ملفات وأوراق بالأطنان، عن وقفة عملية تنقلنا من الأقوال الى الأفعال.
كلمة أخيرة:
يقول أحدهم «ازدادت انتاجية الصف القيادي في الحكومة نسبيا هذه الأيام بسبب انشغال النواب بالاجازة، ولو امتدت هذه الاجازة الى خمس سنوات، ورجع النواب فلن يعرفوا أنهم في الكويت، والعكس صحيح، اذا رجعوا»، والعهدة على القائل.
[email protected]