فيصل الزامل
في كلمته الصريحة، والهادئة خـاطب صاحب السمو الأمير الشيخ صـباح الأحـمد القـادة العرب والشـعوب العـربية قـائلا: «خلافـاتنا السيـاسيـة هي أساس مـشاكلنا» فوضع اصـبعـه على الجرح الأكـثر إيلاما في العالم العربي.
ترى، هل كان لبنان سـيعاني مـن التدخل في شؤونه لولا خـلافات زعاماته، والتنافس والطموح الجامح؟!
العراق، الذي أتيحت له فرصة ذهبية شبيهة بما حدث لصربيا بعد إزاحة «ميلوسيـفيتش»، هذه الفرصة الذهبيـة أضاعها التنافس داخل البيت الشيعي، والالتفات السني الى الخارج، واستحواذ حزب الدعوة على السلـطة. . الخ، مـا أضـاع على الـعـراق فـرصـة ثمـيـنة لا تتكرر بسهولة.
في كلمة سـمو الأميـر قدر كبيـر من الصراحة في الشـأن العراقي. . «لن يكون هناك استقرار في العراق إلا بالمشاركة الفاعلة لكل الأطراف السيـاسية» وفي كلمـته مناشدة للشـعب اللبناني، وقيـاداته لتغليب المصلحة الوطنية، وبالتبعية انتفاء مبرر التدخل من الخارج.
لقد جمعت هذه الكلمة الرصينة خبرة الكويت في الساحة العربية، وهي خبرة طويلة، مـارست فيها الكويت، على مر عقـود طويلة، مهام رجل الإطفـاء، وقـرنت النصـائح بالبـذل السـخي، وإذا كـان سـخـاء «النفس» أهم من سخاء «المال»، فإن ما قـدمته الكويت للشعب العراقي في السنوات الأربع الماضية، رغم تداعيـات الاحتلال ـ هو أمر له دلالة عمـيقـة، في عالم تسـتحكم فـيه العـداوات بين الجيران ليس بـسبب احتلال أحدهم للآخر ونفيه من أرضه، بل بسبب خلاف حول قطعة من الأرض مـختلف عليـهـا، أو بسبب تصـريح صـحافي عـابر، ومع ذلك يسـحب السفـراء وتتـعطل المشاريع ويطلـق العنان لوسائل الإعـلام لتصول وتجول في زيادة الحواجز النفسية عمقا.
الأهم ـ محليـا ـ في كلمة سـمو الأميـر هو التذكيـر بمكانة الكويت، وتاريخـهـا العـربي، وحضـورها الفـاعل، ودحض حـاسم للصـورة الخاطئـة حول الحضـور العربي في الوجـدان الكويتي بعد الاحـتلال العراقي، وفي وارد التـعاون مع المجتمع الدولي لحفظ الاستـقرار في منطقة الخليج.
محليـا، نحن مع القيادة السـياسيـة في هذا المسار، وليس أدل على ذلك من تسابق القطاع الخاص الكويتي على الاستثمار في دول عربية كـان لقـياداتهـا مـوقف سلبي ابان الاحـتـلال، الا انه التسـامي فـوق الجراح، والنظر الى الأمام، الذي هو أكثر تأثيرا من الانزواء.
أخيـرا، ان نجاح السيـاسة الخارجـية للكويت هو التـوأم لتنشيط الأداء المحلي للحكومة، بتوجيهات القيـادة السياسية، لتجاوز مرحلة طالت أكثر من اللازم، ونحن على ثقة من ان الخبرة الطويلة للكويتيين حكومة وشعبـا، ورأيا عاما، كفيلة، بعون الله وتوفيقـه، بتدشين عهد جديد الفوز فيه للجميع وللأجيال الناشئة التي تعقد آمالها على حكمة الجيل الحالي.