تحدث الاخ محمد الشمري الى برنامج حواري في محطة الـ «بي.بي.سي» عن معاناته: «انا جندي اعمل في الجيش الكويتي، كنت مصنفا ضمن غير محددي الجنسية، وبعد ابرازي اوراقي التي تثبت اني من التابعية الاردنية وان والدي خدم في الجيش الاردني ايام بوحنيك، فقد تم رفض منحي الجنسية الاردنية، وهذا يعني حرماني وابنائي من الاوراق الثبوتية التي حاولت تأكيدها في الاردن بشتى الطرق، ولم يكن امامي الا العمل في الكويت، وأحمد الله ان ابنائي اليوم منهم الطبيب والمهندس وثالث في تخصص الكمبيوتر، وايضا اشكر الكويت التي قدمت لي هذه الرعاية، ونحن جميعا مواطنون اردنيون، نحمل لبلدنا الاردن ملكا وحكومة كل التقدير، والذي تسبب في تأخير اثبات تابعيتنا لا يتعلق بشيء يخل بالامانة والشرف ما يدعوني الى مناشدة المسؤولين في بلدي الاردن من هذا المنبر انهاء معاناتي واسرتي». انتهى.
هذه صورة لمعاناة مواطن عربي نتمنى ان تنتهي، حيث عمل بجد واجتهاد لتعليم ابنائه والحفاظ على اسرته وهو الآن يسعى الى اثبات جنسيتهم في بلد عربي، الاردن الذي استضاف مشكورا ابناء الشعب الفلسطيني اكثر من اي بلد آخر وهو يسمح في قوانينه بازدواج الجنسية، الامر الذي لا يبدو معه السعي السابق من الاخ الشمري للحصول على جنسية كويتية مخالفة لتلك القوانين، من جانب آخر ربما نحتاج في الكويت لشيء مماثل بالنظر الى ان الغالبية العظمى من حالات غير محددي الجنسية هم ممن يحملون جنسيات اخرى، ومن لم يتمكن من الحصول على الجنسية الكويتية منهم اضطر الى السعي لاثبات اوراقه الاصلية حتى لا يتسبب في معاناة ابناء وبنات تفوقوا في التحصيل العلمي، ويمكن ان يحققوا نجاحات معيشية تفوق ما تمنحه لهم الجنسية الكويتية من مزايا محددة (ارض وقرض) التي لم تنفع كثيرا من حملتها ممن حصلوا على افضل الشهادات في الحصول على وظيفة، في ظروف الازمة الاقتصادية العالمية وهو اختبار بسيط مقارنة بالاختبار الحقيقي مع بدء نضوب النفط ومرور سنوات الوفرة التي ذهبت في عبثنا السياسي وعجزنا الاداري، يومئذ ستنفع الجنسية الثانية حملتها اكثر من الجنسية الكويتية، في حين لن يكون لأبناء الكويت الا العودة الى ما عاناه اجدادهم، والبحث عن عمل في الدول المجاورة، وهذا الامر قد بدأ فعلا للكثيرين.
كلمة أخيرة: يروي العم خالد البدر: «انهيت تعليمي في بيروت عام 1943 كطيار محترف، لم تكن لدينا في الكويت شركة طيران فذهبت للعمل في العراق، قيل لي هناك: اولوية التوظيف للعراقيين، انتظرت حتى احتاجوا لطيارين وتم تعييني براتب يقل عن زملائي العراقيين، لأن الاولوية هي لأبناء البلد»، كان ذلك قبل تدفق النفط بغزارة وتغير المقاييس ونظرتهم للكويت الحبيبة (...)، هذه النظرة معرضة للتغير من جديد والعودة الى نفس المربع السابق في ظل العبثية التي نعيشها في ادارة مواردنا، وهي مشابهة لعبثية دول نفطية كالجزائر التي تعيش في ظروف اقتصادية سيئة مقارنة بجارتها المغرب، رغم ان الاخيرة لا تملك موارد نفطية، وقديما قيل «حسن التدبير يساوي نصف الكسب».
[email protected]