انطلاق قطار تخصيص مؤسسة الخطوط الكويتية خطوة تحسب للشيخ أحمد الفهد بعد توقف طال وزاد عن اللزوم بسبب تسييس التعامل مع هذه المؤسسة ـ ميزانيات رايحة وميزانيات جاية في اللجان ـ وإذا أخذت الدولة بالحصافة في الفصل بين القضايا التي تحتاج الى متابعات قانونية لأطراف مقصرة وبين متابعة التقدم في الخصخصة، فإنها ستحقق انجازا كبيرا، فالمستثمر المحلي الذي نجح في إدارة شركتين وطنيتين، وفي تملك شركات طيران أجنبية في دول عربية وأخرى للتأجير وثالثة تبني وتدير مطارا في الأردن، هذا المستثمر قادر على تحويل «الكويتية» الى قصة نجاح تنتقل من ملكية 17 طائرة الى 30 طائرة في عام واحد، ولا معنى للتأخر إلا في زيادة المواطنين من تراجع مستوى «المؤسسة» التي صارت هدفا مستباحا لشركات خليجية يستأجر ممثلوها غرفتين في فندق كراون بلازا ليقابلوا الطاقم الفني في «الكويتية» الواحد تلو الآخر ثم بزيادة 200 دينار تم نقل 40% من خيرة الفنيين في «المؤسسة» الى دول خليجية، رغم أن تكاليف المعيشة مرتفعة وتشفط ضعف تلك الزيادة، ما يمنح «الكويتية» فرصة كبيرة لاستعادتهم بسهولة إذا انتظمت أمورها.
صحيح هناك من يستفيد من بقاء «المؤسسة» ضعيفة ـ إضافة الى المنافسين ـ مثل بعض النواب للحصول على الخصومات وترفيع التذاكر وتعيين المحاسيب، وسبب ضعفها أن تمرير ميزانيته السنوية يتطلب إرضاء هذا وذاك، ولم يعد البعض يتحرج من تسطير طلباته بسبب الضعف والإرهاق الذي تعيشه «المؤسسة» بينما لا يستطيع هؤلاء ابتزاز طيران الجزيرة ولا الوطنية ـ كمثال ـ كونهما غير مملوكتين للدولة.
فيما يتعلق بالمحاسبة القانونية فيجب أن تشمل إلغاء صفقة شراء الطائرات وفارق السعر الذي فات تحقيقه على المؤسسة، هذا القرار سبقته تهديدات من نائب يمارس حاليا أسلوب الضربة الاستباقية لإبعاد الشبهة عن نفسه، بينما يعرف معظم أفراد المجتمع الكويتي المتسبب في تلك العرقلة والوزير المتعاون معه، وأي محاسبة تتغاضى عن هؤلاء وتركز على حارس أو حتى موظف مهم لا صلة له بإلغاء الصفقة، هي جريمة متكاملة الأوصاف، فهؤلاء المتسببون يبحثون عن بديل ليحملوه وزر ما فعلوه، مثلما يحدث في القضايا الجنائية الشائكة حينما يتم سحب شخص تم تعيينه مؤخرا في موقع حادث واتهامه بأمور تمت قبل تعيينه في وظيفته، هذا بالضبط ما يحدث الآن مع رئيس «المؤسسة» الذي لم يكمل السنتين في موقعه الحالي، وهو أسلوب لن يساعد المتسببين في الإفلات من قبضة العدالة، طال الزمان أو قصر، وعندما يتأفف الركاب من سوء خدمات أي رحلة فيجب أن يتذكروا من «خوّف» أصحاب القرار ودفعهم لإلغاء تحديث الطائرات في صفقة رائعة ـ بسبب خلوها من الوسطاء ـ يجب أن يتذكر الركاب المساكين أن 40% من الطاقم الفني الممتاز قد رحل بسبب تعليق الميزانيات وإرغام «المؤسسة» على الاقتراض المكلف لتسيير أمورها.
لا يهمنا الأشخاص أيا كان موقعهم بقدر ما يهمنا المواطن الذي كان يفاخر بمؤسسته الوطنية الأولى في الخليج منذ نصف قرن والآن هي الأخيرة، ولهذا فإننا نشعر بالسعادة للحركة التصحيحية التي يقوم بها الشيخ أحمد الفهد، ونطالب كل من له دور في دعم هذا التصحيح بأن يقوم بواجبه وفق «أجندة» واحدة فقط هي «الصالح العام قبل الخاص».
كلمة أخيرة: طائرة هيوستن لم تعتبر عملا إرهابيا رغم أنها استهدفت مقرا حكوميا ولدوافع شخصية بحتة وكاد ذلك يتسبب في ازهاق أرواح، ألا يطرح هذا الحادث الحاجة لإعادة تعريف «حادث ارهابي» بدلا من اسقاطه على الشعوب العربية والإسلامية كأنه ماركة تجارية؟
[email protected]