عندما يستفسر المواطن عن موضوع يتعلق بالزراعة، يأتيه الجواب: «عقدنا مع مقاول الزراعة انتهى وحالما يتم التجديد تصلكم الخدمة بشكل أفضل، سنضيف شروطا جديدة على المقاول... الخ» وإذا واجه المواطن مشكلة في وصول المياه الى منزله جاءه جواب موظفي الطوارئ: «و لا يهمك يا الحبيب ألحين أتصل بالشركة، راح يصلحون الكسر، حتى لو في نص الليل».. مشكلة مشرف كلها تدور حول «الشركة المنفذة سوت، وما سوت»، مثل ذلك يقال عن خدمات الانترنت: «انقطع بسبب الكيبل البحري، ولكننا لم نتأثر بسبب وجود خطوط بديلة»، تفتش عن الجهة التي وفرت الخطوط البديلة تجدها شركات الانترنت التي تعمل بجد واجتهاد لتوفير خدمة مهمة يستخدمها المواطنون والوزارات والبنوك وشركات الطيران والمستشفيات، ولولا هذه الشركات لتوقف أحد أهم مرافق الحياة الحديثة.
باختصار، بند رواتب الموظفين يستهلك 95% من إيرادات النفط بينما تنفيذ الخدمات يتم عبر شركات، ودورنا نحن الموظفين هو إجراء الاتصال الهاتفي بتلك الشركات - وما في داعي من الزعل - فهذه الحقيقة بحجم قرص الشمس، ومناسبة الكلام فيها هي الإشارة الصائبة من الزميل العزيز سامي النصف يوم الأحد الماضي، حيث كتب تحت عنوان «رواسب الاشتراكية» ما نصه «لو كان الأمر بيدي لأقمت تمثالا في ساحة الصفاة لكل رجل أعمال سواء كان صاحب بقالة صغيرة أو وكالة كبيرة، كونهم استقلوا بأنفسهم ووفروا لنا الحاجيات التي نجدها بالأسواق».. وقد أردت إضافة جانب الخدمات الى جانب الواردات، لما لهذا القطاع من دور رئيسي في حياتنا اليومية.
بهذا المعنى فإن تخصيص المسؤولين وقتا كافيا لمعرفة العقبات التي تعترض قطاع الأعمال والسعي لمعالجتها بنفس القدر الذي يخصص لتلبية مطالب «زيادة الرواتب، وزيادة بدل المواليد وزيادة بدل التقاعد... الخ» يعود علينا بألف وستين عافية، وعسى الله يوسع على الناس زيادة وزيادة، ولكن الذين يعملون تحت الشمس بـ«القوايل» وفي «منتصف الليل»، بل في وسط النهار تراهم يلهثون بين بنوك تلهب ظهورهم بالسياط حتى يحصلوا على خطاب الضمان، وموظفين يهيمنون على معاملة الشركة، التي تضطر إلى التفاهم (....) مع الموظف بعيدا عن نظريات محاربة الفساد، فالوزارة لا تعرف لماذا تأخرت، وربما لا يهمها أن تعرف، عندها خطاب ضمان وعقد فيه غرامات تأخير، وهذا ما لم يتم إرضاء موظف عنده مخيم يحتاج تجهيزا وسيارات نقل أغراض، وثان انتهى من بناء بيته ويحتاج تأثيثا.. الخ، هؤلاء يعرفون نقاط ضعف المقاول فهو عند كبار المسؤولين «تأخررررررت، تحمل الغرامات».
أقول هذا وليست لي علاقة بهذا القطاع غير ما نحصل عليه كمواطنين، ونتمنى أن يتولى قسم في ديوان المحاسبة رصد تلك المعاناة، فالوقاية خير من العلاج، وهي لا تعني فقط وفرا ماليا بل المحافظة على المرافق العامة وخفض تكلفة التجديد بسبب التلفيات لأشياء نفذت بشكل سيئ، ومثلما نرصد التنفيذ السيئ فعلينا أن ندعم الجيد وأن نحميه من الاستغلال، وفقا لقاعدة «الثواب والعقاب» معا.
كلمة أخيرة:
انقطعت خدمة الانترنت يوم الجمعة بسبب قطع أصاب الألياف الضوئية قرب جبل علي في دولة الامارات ـ على بعد 130 كلم بحريا من الكويت ـ إلا أن معظم شركات الانترنت تملك خطوطا بديلة عبر السعودية، الأمر الذي تم معه تجاوز تلك المشكلة بسهولة.
مشكورين، وعساكم على القوة.
[email protected]