اشتعلت المعركة في مجلس الأمة، وهذه المرة لم تكن بالألسن فقط بل بالأيدي والسلاح الأسود (العقال)، ولكن من يضمن المرات القادمة تكون بماذا؟
هذا ما كنا نخشاه وحذّر كل عاقل من وقوعه، ولكن المشكلة هنا يجب تحديدها، والمشكلة ليست بالهوشة والمعركة التي حصلت، ولكن في جذور الهوشة ومقدماتها، ولكل شيء مقدمات، يقول محمد الغزالي رحمه الله: «العيب في دراسة التاريخ أننا أحيانا نطالع صفحاته لنقرأ أنباء الانتصارات والهزائم وأخبار المواليد والوفيات.. ولكن التاريخ شيء آخر وراء هذا الظاهر، وهو أن تعرف ما المقدمات التي انتظمت حتى انتهت بالنصر او الهزيمة». والشاهد هنا الذي أريد أن أصل إليه، أن هذه المعركة البرلمانية كانت لها مقدمات من التصريحات والأفعال على الواقع، فالإعلام الذي كان يغذي التفرقة ويضرب الوحدة الوطنية ويفرق بين فئات المجتمع كان له دور، وأحداث البحرين والتصريحات الإيرانية وشبكة التجسس الإيرانية والكتابات المسيئة لأمنا عائشة رضي الله عنها والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت مقدمات لمعركة لها مخططون بارعون، وكذلك عندما يصرح نائب ضد زملائه طوال الشهور الماضية ويصفهم بالتكفيريين والإرهابيين فإن هذا يشكل ضغائن في النفوس لن يسكت عليها أحد، وعندما يسكت زملاؤه ولم يردوا فإن ذلك إشارة إلى أن للصبر حدودا، فيأتي النائب نفسه بكل استهانة واستفزاز ليصف مواطنين مظلومين في سجون غوانتانامو الأميركية بأنهم إرهابيون ومن يدافع عنهم مثلهم فإن ذلك أمر لا يسكت عنه، فتنطلق الشرارة التي نخشى أن تكون لها تبعات على الجميع، وقد تستغلها أطراف خارجية تدفع بإشعال الفتنة وتمزيق النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية. يا سادة المشكلة ليست برلمانية بل هي مشكلة وطن يحترق، إذا وقفت الحكومة متفرجة وهي تدفع الى انشقاق بين النواب، فإن النار ستحرق البلد بمن فيه، فعلى الجميع احترام بعضهم البعض، وقبول الآخر وعدم إلغائه، لأن الجميع لهم الحق في هذا البلد، الكل سواسية بمسطرة الدستور والقانون، ويجب تطبيق القانون بحذافيره، والبعد عن الانتقائية التي تفرق بين فئات المجتمع، لأن الوضع خطير جدا، فهل من مدكر؟
[email protected]