إحدى القصص النجدية تحكي أن رجلا كان يعرج في مشيته، فقال له أحد رفاقه: ماذا بك «تضلع» يا فلان؟ هل أصيبت رجلك بأذى؟ ـ و«تضلع» في اللهجة النجدية تعني تعرج ـ فقال: «أضلع من شطب في برطمي».. ويعني أعرج لأن بشفتي شق يؤلمني فصار قولة ومثلا يضرب للذي يدعي أمرا ليست له علاقة بما هو ظاهر منه.
الوطن العربي للأسف ينطبق عليه هذا المثل فهو أعرج في سياساته وأعرج في اقتصاده وأعرج في التعليم وأعرج في التنمية وأعرج في الحريات، ويظل دائما وأبدا يبرر سبب عرجه أنه بسبب مؤامرة الاستعمار وإنشاء إسرائيل، وفوائد البنك الدولي ونتائج الحرب الباردة ومساج الحرب الفاترة ودوش الحرب الساخنة إلى آخره من أسباب حفظناها مثلما نحفظ أسماء أولادنا، والحقيقة أن كل ما سبق أعراض لمرض وليس الاعراض المرض ذاته المسؤول عن سبب تخلفنا انما مرض الاستبداد والديكتاتورية، فالتقدم الحضاري يحتاج إلى مناخ من الحرية لتبدأ أزهار إبداعاته في التفتح ولتبدأ ثمار إنجازاته في النضوج، والوطن العربي يمتلك البنية التحتية اللازمة لأي حضارة من تاريخ وموارد وموقع إستراتيجي ولكنه افتقر إلى الصدق في مواجهة واقعة وظل يدور ويدور في حلقة مفرغة من الأسباب لا تمنع رغم قسوتها امتدادا حضاريا بحجم الحضارة العربية الإسلامية أن يواصل زحفه في خدمة البشرية واحتلال المكان اللائق في خير أمة أخرجت للناس.
الديموقراطيات والحريات ليست كماليات بل ضروريات نحتاجها لنرفع القواعد من البيت العربي بعد أن وهبنا الله ما نحتاج إليه وسلمنا الراية أفذاذ وصناع حضارة من أمثال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان.. الآن بدأت الشعوب العربية تأخذ زمام المبادرة بعد أن ملت من الأعذار الواهية واختارت طريق الحرية والديموقراطية، وإني أرى تحت الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام.
[email protected]