فارس السبيعي
يقدر عدد نخيل العالم بنحو 90 مليون نخلة، وقد درسنا في المرحلة الابتدائية قبل أربعة عقود أن البحرين الشقيقة يطلق عليها «بلد المليون نخلة»، وهذا العدد الهائل من النخيل كان قبل أربعة عقود أو يزيد، والآن ربما تكون أعداد أشجار النخيل قد تضاعفت لديهم، ويخيل لمن لا يعرف البحرين أنها بلد كبير وفيها أنهار ومصادر مياه وفيرة! والحقيقة أن البحرين جزيرة تحيط بها المياه المالحة من كل حدب وصوب، ومساحتها الكلية لا تتجاوز 690 كيلو مترا مربعا! إذن لماذا الكويت لا تزرع النخيل؟ فمساحة الكويت 18000 كيلو متر مربع وفيها أراض شاسعة غير مستغلة، والبحر يقع في جهة واحدة منها، والوفرة المالية في الكويت قادرة على زراعة 8 ملايين نخلة مقارنة بمساحة البحرين! فالنخل منظره جميل، ودائم الخضرة وصديق للبيئة، وجميع مخلفاته تنفع المجتمع، والنخلة شجرة مباركة فيها غذاء ودواء ويمكن إدخالها في العديد من الصناعات التحويلية، وهي تقاوم البرودة وتصبر على العطش والإهمال وتتحمل الملوحة، وثمرتها الطيبة تحتوي على البروتين والكربوهيدرات والسكريات ونواها يمكن استخدامه علفا للحيوانات.
والنخلة عبر العصور غذاء ومسكن، فقد سئل أعرابي: ما أموالكم؟ (أي مصدر دخلكم) فقال: النخل، فسعفها صلاء وجذعها عماد وليفها رشاء (حبل) وفروها إناء ورطبها غذاء».
والتخضير سمة حضارية فالأمم على مر العصور كانت تزرع النخل حتى في عهد الفراعنة فقد جاء في سورة طه الآية 71 عندما آمن السحرة بموسى قال لهم فرعون ولأصلبنكم في جذوع النخل. وقد ضمت شريعة حامورابي عددا من المواد لحماية النخلة وزيادة الاهتمام بها بحيث يكافئ من يهتم بها ويعاقب من يهملها ويهينها.
وفي الكويت أعلن سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رغبته في تخضير الكويت فهبت الهيئة العامة للزراعة وقامت بجلب نخيل فاسد وبدأت تغرسه على جوانب الطرق وبين الجسور بشكل عشوائي، وقد كلف الدولة مئات الملايين وحتى يومنا هذا لم نر إنتاجه يباع في الأسواق! طريق خادم الحرمين الشريفين السريع مدخل الزائرين الخليجيين يخلو من أي نخلة ولا يشاهد فيه مستخدم الطريق سوى أشجار الصفصاف! والسؤال الذي يطرح نفسه: ألا تستحق الكويت أن تزرع بالنخيل؟! سؤال يتبادر إلى الكثير، ولكن من يملك هذا القرار؟
لو زرعت فسائل النخيل النسيجي في عام 2008 فسنجني ثمارها في 2011 وسنضطر لإنشاء مصنع للتمور، وعندها ستكون الكويت بلدا مصدرا للتمور وسيكون لدينا اكتفاء ذاتي وأمن غذائي.
آخر رمسة:
استضافت الكويت قبل عقدين من الزمان إحدى القمم الخليجية لقادة دول الخليج العربية وأرادت الكويت أن تتجمل لهؤلاء القادة، وشيء طبيعي أن تكون غاية الجمال في الخضرة والزراعة، ولأن الوقت لم يسعف الهيئة العامة للزراعة بتشجير المسطحات الخضراء من المطار إلى مقر ضيافتهم، قاموا - حفظهم الله - بصبغ الأرض باللون الأخضر! هذه الأفكار «ولاّ بلاش»!