فارس السبيعي
وزارة الإعلام كانت إلى عهد قريب تعتبر من الوزارات السيادية والتي تحرص الحكومة على أن توكلها إلى أحد أفراد الأسرة على اعتبار أن دور الكلمة لا يقل عن دور السلاح في حفظ الأمن الوطني، وهذا المفهوم أدركته الدول المتقدمة والتي تحرص أشد الحرص على إسناد وزارة الإعلام إلى ذوي الكفاءات العالية والمتخصصة في هذا المجال الحيوي، وقد حرص الرسول عليه الصلاة والسلام في بداية تكوين دولة الإسلام على إيجاد وسيلة إعلامية تبلغ الناس الرسالة اليومية المتمثلة في الدعوة إلى الاجتماع اليومي المتكرر، ففكر هو وصحبه الكرام وشاورهم واستشارهم حتى توصلوا جميعا إلى وسيلة رآها أحد الصحابة في المنام وهي أن يؤذن في الناس بالصلاة فكان من ذلك التاريخ يرفع الأذان لكل صلاة كوسيلة إعلامية.
وإذا كان هذا حال الصلاة وهي جزء من الوقت فلا شك في أن الحياة مع تطورها تحتاج إلى المزيد من الوسائل الإعلامية لتوجيه الناس وقيادتهم، وإرشادهم، وتربية النشء من خلال غرس المفاهيم الوطنية والإيمانية والاجتماعية والتربوية، ومحاربة الشائعات وتصحيح المفاهيم وحث الناس على التماسك ونبذ الفرقة والاختلاف إلى غير ذلك من الأغراض الإعلامية، ويفترض أن تكون لوزارة الإعلام رسالة ورؤية واضحة تصب في النهاية لتحقيق أهداف الدولة.
فتلفزيون الكويت يملك مكتبة ثقافية وأرشيفا غنيا بالمواد المختلفة، إلا أنه في آخر الوقت صار يعاني من عزوف المشاهدين عنه بعد أن كان الرائد في المنطقة، والسبب في اعتقادي عائد إلى أن الجهاز والقائمين عليه لا يستطيعون مجاراة المنافسين، خاصة من القنوات اليافعة المحلية التي بدأت تجذب المشاهدين وخاصة الكويتيين! لأن تلك المحطات غير الحكومية لديها هامش معقول من الحرية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أخذت تستقطب المذيعين والمعدين والمخرجين اللامعين من أبناء الوطن في بعض البرامج الحوارية وغيرها، والسبب الأخير والمهم هو أن تلك القنوات تعلم أن من لا يدفع جيدا لا يأخذ جيدا! فمنذ أن سنت وزارة الإعلام الكويتية سياسة التقتير وشد الأحزمة وإسناد البرامج والمسلسلات لما يسمى منتجا منفذا، والتراجع أصبح سمة لتلفزيون الكويت! لأن المنتج المنفذ همه الأول والأخير الكم المادي الذي سيدخل في جيبه! ولا يلام في ذلك لأن الوزارة في الأصل تخلت عن دورها المنوطة بها في توجيه المواطنين بجميع شرائحهم! فإذا أرادت وزارة الإعلام أن تعيد ماضيها الجميل فلتكن هي المنتج المنفذ، ولتغدق عطاياها على المبدعين من مؤلفين وشعراء وممثلين ومعدين ومخرجين.
أما اتباع سياسة شد الأحزمة وسياسات التنفيع والترقيع فإن المتضرر في نهاية المطاف هم أبناء الوطن وخاصة النشء.
آخر رمسة:
سؤال موجه إلى وزارة الإعلام: لماذا برامج الإذاعة مستمرة في استقطاب المستمعين من داخل وخارج الكويت؟ الجواب لأن المنتج المنفذ لم يسيطر عليها!