فارس السبيعي
تُعرّف الأمم المتحدة الأمية بأنها عدم القدرة على قراءة أو كتابة جملة بسيطة بأي لغة، فقامت دول العالم جاهدة بمحاربة الأمية من خلال سن التشريعات كإلزامية التعليم، وفتح فصول محو الأمية وتعليم الكبار، وظلت تسعى بكل ما أوتيت من قدرات إلى تحقيق أهدافها والتي يأتي في مقدمتها محاربة الجهل والأمية، لأن الأمم لا ترقى إلا بالمتعلمين، مصداقا لقول الشاعر:
العلم يبني بيوتا لا عماد لها
والجهل يهدم بيت العز والكرم
وبعد ظهور وسائل التقدم والتقنيات الحديثة، لم يعد تعريف الأمية السابق نافعا لواقع الحال حيث إن دولة مثل الكويت جميع المواليد فيها يلتحقون بالمدارس النظامية ابتداء من سن السادسة، فشيء طبيعي أن يجيد كل طالب في الصف الأول الابتدائي قراءة وكتابة جملة بسيطة مثل أنا سالم.
وبعد أن أصبح التعامل مع جهاز الحاسوب الآلي ضرورة من ضرورات الحياة العصرية، قلما تجد منشأة أو وزارة أو مصلحة حكومية لا تتعامل مع ذلك الجهاز، فالتسجيل في الوظائف أصبح آليا والاستفسار وطلب المقابلات كذلك يتم عن طريق الحاسب الآلي، ودفع الغرامات والفواتير يتم بلمسة زر آليا، واستخراج رخص البناء من بلدية الكويت وغيرها يتم بنفس الطريقة، وسيأتي يوم ليس ببعيد قلما تجد مراجعا يراجع دائرة حكومية لأنه باستطاعته إنجاز معاملاته آليا وهو في بيته أو مكتبه، وحيث إن برامج اللغة الإنجليزية متعلقة تعلقا كبيرا بتشغيل الجهاز واستخدامه وهي لغة المراسلات والتجارة العالمية ومن دونها يحس الإنسان بالعجز والشلل الفكري، فإن التعريف السابق للأمية أصبح لا يعكس حال الأمي، ولذلك دأبت بعض الدول على تجديد تعريف الأمية بحيث أصبح تعريفها الجديد هو عدم القدرة على استخدام جهاز الحاسب الآلي وعدم القدرة على الاتصال بالآخرين من خلال التحدث بلغة مشتركة عالمية.
وفي الكويت فإننا لو طبقنا هذا التعريف الجديد فإن نسبة 80% من الشعب الكويتي يعتبر أميا برغم أنهم يحملون شهادات متقدمة، ولذا فإن وزارة التربية تقوم بتعليم الأبناء مبادئ الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية وهي مجتهدة في ذلك، إلا أن مستوى المخرجات أقل من 20%، فما السر وراء الجهل المطبق في قراءة وكتابة اللغة الإنجليزية واستخدام الحاسب الآلي؟ يتعلم الطالب لمدة 16 سنة في جميع المراحل الدراسية تلك المبادئ، ثم يعجز بعد ذلك أن يهنئ زميله الأجنبي في العمل أو يقدم له التعزية باللغة الإنجليزية.
إن مشكلة وزارة التربية هي أنها تهتم بالكم لا بالكيف، فنحن في الكويت نحب المظاهر في كل شيء، في الهندام وفي شكل الطابور الصباحي وفي المسابقات والأنشطة المصاحبة وتزيين الفصول والساحات وننسى أو نتناسى التفكير في تطوير المقررات الدراسية وتهذيبها وتبسيطها لكي يكون التحصيل متقدما ومحققا لأعلى النسب عن طريق تقديم الكيف على الكم.
وللتدليل على ما أقول أدعو القارئ الكريم لمتابعة نشرات الأخبار في القنوات المحلية الرسمية وغير الرسمية، كما أدعو المسؤولين لمتابعة دفاتر تحضير المعلمين ليقفوا على حقيقة مستوى بعض المخرجات الرديئة، كما أدعو الجميع لمتابعة أداء القسم لوزرائنا الأفاضل ليشاهدوا مستوى مخرجات وزارة التربية.
آخر رمسة:
مكتب خدمة المواطن بمنطقة العدان يرفض اعتماد طلب نموذج تأشيرة مسحوب من موقع الوزارة الإلكتروني بحجة أن النموذج غير معتمد، وأنه يتعين على كل مراجع طباعة أوراقه عند الطباعين، والسؤال للوزارة إذا كان النموذج غير معتمد فلماذا تروج له الوزارة في موقعها الالكتروني وتدعو المواطنين للتعامل معه كخدمة إلكترونية؟ مجرد سؤال.