فارس السبيعي
الأصل في عضو مجلس الأمة الذي يمثل ناخبيه، أن يكون متعلما وفطنا وفاهما وعلى خلق رفيع، ملما بما يجري من حوله، وقادرا على استنباط الأحكام وتشريعها، وفهم القوانين وتهذيبها.
وبما أن النائب أصبح علما ورمزا يشار إليه بالبنان وتلتفت إليه الأنظار، فلا بد أن يكون حصيفا عفيفا نظيفا صادقا لأنه لا يمثل نفسه بل يمثل الأمة بأسرها.
فالقاعدة العامة للمسلم أنه ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء، ومن كان في موضع الاقتداء فالمسؤولية عليه أعظم لأن كلماته معدودة وأخطاءه مرصودة، فليس من المقبول أن يكون ممثل الأمة بذيء اللسان أو فاحش القول أو كثير اللعان أو طعانا في خلق الله، فمن كانت هذه أوصافه فإنه عار على الأمة، والأولى له أن يعيد تربية نفسه وترويضها على الأخلاق الحميدة والمعاني الرشيدة، لا أن يؤذي خلق الله بلسانه، فالمسلم الحقيقي كامل الإسلام من سلم الناس من لسانه ويده.
ما حدث في جلسة الثلاثاء 24 الجاري من سباب وقذف وهمز ولمز من بعض أعضاء مجلس الأمة تجاه زملائهم نوابا كانوا أو وزراء أمر خارج عن حدود الأدب واللباقة والاحترام، فالبعض من الأعضاء يعتقد أن الحصانة هي الحرية المطلقة في أن يتلفظ بكل لفظ وأن يتكلم في كل شيء وهذا مفهوم خاطئ للحصانة والذي تسبب في انحدار لغة التخاطب لدى بعض أعضاء مجلس الأمة حتى خيل للسامع أن الحوار الجاري بين الأعضاء تم في شارع عام أو في حراج للسيارات!
أيها النائب الكريم، إن قوة ممثل الأمة ليست بالصراخ أو بالتشكيك في نزاهة الآخرين أو بفتل العضلات الصوتية، والتي تسبب الاحتقان بين السلطتين، فهذه أساليب قديمة عفى عليها الزمن، فما عادت تنفع الحالة الكويتية والتي سئم فيها المواطن من الصراخ والعويل والصوت العالي الذي لا يسمن ولا يغني شيئا!
إن القوة الحقيقية لممثل الأمة أن يجتهد في سن القوانين التي تهم جميع الشرائح ومراجعة الأنظمة التي تعوق المصالح واتباع مبدأ النصيحة التي ذكرها الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) في قوله «النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» وأن يقول كلمة الحق في وجه من أخطأ دون تجريح ولا تسفيه إرضاء لله أولا ولضميره ثانيا وبرا بقسمه الذي قطعه على نفسه.