فارس السبيعي
المتابع للواقع السياسي في الكويت يرى ان العلاقة بين الحكومة والمجلس ليست على ما يرام، واصبحت الحكومة مصابة بمرض معد اسمه «عماسة الراي»، فالحكومة السابقة استقالت بحجة عدم التعاون، كما انها تتحجج ان بعض النواب يسعون جادين في تأزيم العلاقة بين السلطتين من خلال الاقتراحات الشعبية التي تلامس حاجة المواطن مثل زيادة الرواتب واسقاط القروض وترخيص انشاء الدواوين في ارتدادات المنازل وغيرها.
فبالامس القريب ثارت المعركة بين المجلس والحكومة على قيمة الزيادة وانقسم المجلس الى رأيين، احدهما يرى مسايرة الحكومة على 120 دينارا، ورأي ينادي بزيادتها الى 170، فقامت الحكومة بتهدئة الامر وطلبت معونة واستشارة البنك الدولي الذي تدخل فيما لا يعنيه وقال ان زيادة 170 سترهق ميزانية الدولة وتصيبها بالعجز بعد انخفاض سعر برميل النفط، فكان للحكومة ما ارادت، وصرفت الزيادة بعد ذهاب فرحتها وسعادتها، ثم حل المجلس لعل وعسى ان تتخلص الحكومة من دعاة التأزيم، لكن اعاد الشارع الاشخاص أنفسهم تقريبا، وبدأ صوت المطالبات يرتفع ومن اول جلسة بالمواضيع نفسها فتحقق امران، وارجئ البت في الامر الثالث، فها هي الحكومة الرشيدة تقر زيادة الـ 50 دينارا، لكن في هذه المرة مخالفة للدستور، حيث انها شملت بعض المواطنين دون الآخرين، فأخلت بمبدأ المساواة، ثم بدأ الاحساس يدب فيها فأقرت واعترفت رسميا ان هناك من المواطنين من يندرج تحت مسمى متعثرين ومعسرين، فخصصت لهم صندوقا اشبه ما يكون بصندوق الطائرة ذي اللون الاسود باسم صندوق المتعثرين.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا طالب النواب في المجلس السابق بزيادة الرواتب؟ وكم كانت قيمة الزيادة؟
والجواب المباشر هو لمواجهة غلاء المعيشة، والقيمة المقترحة و«التوافقية» آنذاك كانت 170 دينارا للجميع.
وماذا حصل بعد كل هذه الضجة؟ وهل انتهت الازمة؟ وهل كانت رؤية الحكومة موفقة وسديدة؟ ام ان «عماسة الراي» مازالت تنتابها وتلازمها؟
الحقيقة ان الحكومة وقعت في اخطاء ومخالفات دستورية، فالخطأ ان الموظف الاعزب زيد راتبه بمقدار 170 دينارا وهو اعزب ولا يعاني من غلاء المعيشة، لأنه في الاصل غير معيل فلو كان راتبه 750 دينارا مثلا فقد اصبح 870 ثم انتقل الى 920 دينارا.
بينما رب الاسرة الذي راتبه مثلا 880 دينارا وطحنته الحياة طحنا ويعيل اطفالا اصبح راتبه بعد الزيادة الاولى 1000 دينار ثم «بعماسة الراي» حرم من زيادة الخمسين الثانية.
فـ «الراي العمس» بدأ ينخر جسد الحكومة التي كانت رائدة في قراراتها وهو اشبه بجرثومة في اعتقادي ان جسد الحكومة طعم بعوجان الاريا، حتى اصبح دعاء المواطن الكويتي عقب كل صلاة «يا الله دخيلك من عماسة الراي».
آخر رمسة:
من الادعية التي اختفت من على منابر خطبة الجمعة «اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء ونعوذ بك اللهم من الزلازل والمحن والفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا خاصة وسائر بلاد المسلمين».