فارس السبيعي
إذا تجردنا من نظرية المؤامرة التي أفسدت حياة الشعوب والأفراد والأمم، فإنه يصح القول إن القائمين على صناعة السينما العالمية هوليوود وصف العباقرة بكل ما تحمله الكلمة من معان، فقبل سنوات مضت كان القائمون على تلك السينما يروجون فكرة أن يحكم البيت الأبيض رجل أسود من أصول أفريقية، وبعد نجاح باراك حسين أوباما الساحق الماحق صار خيال الأمس واقع اليوم.
المدهش في الأمر أن الجاليات المسلمة والعربية المقيمة في أميركا أعطت أوباما أصواتها إلا ما ندر، والأغرب من ذلك أن غالبية المسلمين في أنحاء المعمورة أيدوا وتعاطفوا مع أوباما وكان هذا واضحا في الاستطلاعات والمقابلات التي أجرتها المحطات الأجنبية من مثل bbc.
وقد نشر عن باراك في الصحف أنه ولد في عام 1961 في هاواي لأب كيني مسلم وأم أميركية بيضاء من ولاية كانساس، وأنه تربى في كنف والدته بعد انفصالها عن زوجها الذي عاد إلى كينيا وباراك لايزال في الثانية من عمره، وانتقل أوباما إلى جاكرتا صغيرا بعد زواج أمه من مهندس نفط إندونيسي الجنسية وأنجبت مايا، الأخت غير الشقيقة لباراك.
في مطلع شبابه التحق أوباما بإحدي جامعات كاليفورنيا قبل أن ينتقل إلي جامعة كولومبيا الشهيرة في نيويورك ليتخرج فيها عام1983 حاصلا على البكالوريوس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية.
ومن خلال السيرة الذاتية للرئيس الجديد يتضح أنه كيني الأصل مسلم الديانة ترعرع في أحضان المسلمين واحتضنه عمه زوج أمه الاندونيسي ودرس خلال مراحله الأولى في مدارس المسلمين في جاكرتا ولديه أخت مسلمة من أمه، أبوه حسين وعمه سعيد وجدته سارة، وعندما ظهرت نتيجة فوزه أعلنت كينيا عن عطلة رسمية احتفالا بهذا الحدث العظيم، وقام جيران جدة أوباما سارة بنحر عشرة ثيران احتفالا بفوز الحفيد، وسئلت الجدة سارة التي تعد العدة للذهاب إلى أميركا لحضور حفل التنصيب والمباركة للحفيد: هل تتوقعون أي تغيير في حياتكم المعيشية بعد نجاح ابنكم؟ فقالت تلك الجدة الكينية بكل ثقة واعتزاز: لا توجد لدينا أي تطلعات لأننا نعرف جيدا أن هذا أمر يفعله من أجل أميركا وأنه رئيس أميركي.
لقد أحرجت يا أميركا العالم بأسره، فمن يصدق أن الكيني الأصل يحكم أميركا بلا قيود أمنية ولقد ضربت كينيا مثلا رائعا بالوفاء وعدم النكران لابنها الذي تخلى عن جنسيتها، فلم تتنكر له أو تسحب جنسية أسرته وعائلته وضربت الجدة سارة أروع الأمثلة عندما قالت إن حفيدي أميركي وسيعمل لأجل أميركا.
لقد كان نجاح باراك حسين أوباما محطة لتغيير الأفكار والأنظار والنفوس، ليس على مستوى أميركا فحسب بل على مستوى العالم أفرادا وشعوبا ودول لا مستحيل بعد اليوم، فقد أوجد نجاح باراك حسين أوباما الأمل لدى كل صغير ليكبر وكل حاجز ليتكسر، فهل سنكسر قيودنا الأمنية عن البدون.
آخر رمسة:
لو أن مواطنا من فئة (البدون) ممن ولدوا في الكويت ودرسوا في مدارسها هاجر لأميركا وحصل على الجنسية الأميركية، وانضم لأحد الأحزاب ثم ترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية وفاز وأصبح سيد البيت الأبيض وسيد العالم بأسره، فماذا سنفعل في الكويت؟ هل سنقول إنه كان كويتي الجنسية ومن سكان الصليبية أم أنه بدون جنسية وعليه قيود أمنية؟ لقد حكم باراك حسين أوباما أميركا بكلمتين هما التغيير والأمل، وهما شعار حملته الانتخابية فهل للبدون وخاصة المحاربين القدماء من أمل وتغيير في أحوالهم؟ مجرد سؤال.