فارس السبيعي
وزارة التعليم العالي وزارة ملحقة غالبا في التشكيلات الوزارية، حيث إنها تأتي تبعا لوزارة التربية بحيث يُسمّى وزير التربية وزيرا للتعليم العالي، وأحيانا تحدث مفارقات عجيبة حين يرأس وزارة التعليم العالي شخص لا يحمل مؤهلا عاليا كما هو الحال الآن.
ولو أن الحكومة غيرت مسمى التعليم العالي من وزارة إلى هيئة عامة، لكان أسلم وأكمل استقرارا من الوضع الراهن والذي تتجاذب فيه القوى دون أن يكون وزير التربية محكم القبضة والسيطرة على وزارة التعليم العالي.
في الكويت وعلى الرغم من أنها افتتحت الجامعة اليتيمة في 1965 في مبنى «مستعار» ثانوية الشويخ، إلا أنها ظلت عاجزة ومكتوفة الأيدي قرابة نصف قرن من الزمان، والسبب يعود إلى أن وزارة التعليم العالي دائما تأتي ملحقة وغير مستقلة في التشكيل الوزاري بمعنى أنها لا تأخذ المزيد من الاهتمام من قبل وزيرها، بسبب أن مشاكل وزارة التربية تأخذ جل اهتمام الوزير، والدليل أن أكثر الاستجوابات كانت من نصيب وزراء التربية المتعاقبين.
وإذا ما التمسنا العذر لوزير التربية ووزير التعليم العالي للأسباب المذكورة آنفا فإن عبء الإدارة والتخطيط يقع على كاهل وكيل وزارة التعليم العالي، لأن هذا المنصب هو المنصب الثاني في هذه الوزارة وهو الذي يرسم السياسة العامة ويتابع تنفيذ أهداف الدولة من خلال رئاسته لمجلس الوكلاء في وزارته، ونظرا لكون التعليم العالي، يأتي في أرقى سلم المراحل التعليمية، ويشمل كل أنواع التعليم ما بعد التعليم الثانوي، فإن دوره الرئيس يتمحور في إعداد الكفاءات الوطنية المؤهلة على أعلى المستويات ويأتي من ضمن أهدافه والتي تتشابه فيها جميع الدول نسبيا، تأهيل القوى البشرية الوطنية تأهيلا علميا وتقنيا وفكريا وثقافيا وجعل الاهتمام بالبحث العلمي هدفا أساسيا وربطه بقضايا التنمية التي تعود بالفائدة على الاقتصاد، واستثمار العلم والتقنية والمساهمة الإيجابية في دراسة وحل مشكلات المجتمع إلى غير ذلك من الأهداف.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو لماذا تم رفع مستوى القبول في جامعة الكويت والمعاهد التطبيقية؟ والجواب باختصار لأن الطاقة الاستيعابية لهاتين المؤسستين محدودة وعليه فإن أبناء الكويت ممن يرغبون في تحسين مستواهم العلمي يتجهون إلى الدول الأخرى والتي سخرت جميع التسهيلات لاحتواء أبناء الكويت الذين يحملون معهم «العملة الصعبة» فتستفيد تلك الدول من هذه المدخولات والتي يلحقها حركة الاقتصاد من فنادق ومطاعم وسيارات الأجرة وغيرها.
آخر رمسة:
مركز جامعة الكويت للتعليم المفتوح، مشروع وطني كبير ويعتبر رافدا اقتصاديا إضافيا، كما أنه فرصة طيبة لاحتواء حملة شهادات الدكتوراه والماجستير من ذوي الكفاءة ممن لا يجدون مكانا في جامعة الكويت اليتيمة وفرصة طيبة لأرباب الأسر ممن يرغبون في تكملة دراساتهم العليا ولا تسعفهم ظروفهم للاغتراب، كم أن مردودها المادي جيد وفرصة طيبة لأساتذة الجامعة للحصول على ترقيات ومسميات في هذا المركز، وقد سعت الكثير من الدول العربية لإنشائه احساسا بأهميته وتنفيذا لتوصيات مؤتمر التعليم العالي باليونسكو المنعقد بباريس عام 1998م وذلك بالاستفادة من أساليب التعليم المفتوح والتعليم عن بعد والتعليم مدى الحياة وإلحاقه بجامعاتها، فمتى تنفك عقدة التردد من مسؤولي التعليم العالي؟ مجرد سؤال.