وأنا أراقب عبر التلفاز بيت الله الحرام وجموع الطائفين يحلقون حول بيته الحرام، داعين أن يتقبلهم رب البيت بقبول حسن، هاجت أشواقي وانبرى قلمي يخط بحبره أمنيات للحجاج ممن قصده، علها تصل بنا إلى ما تبتهل به القلوب بأن يهب لنا الأمن والأمان ويفرّج عن المكروبين.
«ها هي الضيافة تصل إلى أعلى مراتبها، وها هم الحجاج يعدون العد التنازلي لإنهاء المناسك، وأكف الحجاج مرفوعة لرب البرية راجية أن تعود بأوسمة القبول معلقة على جباههم، بعد ان يلقوا كل ما تعلق بهم من أدران الآثام في تلك البقعة ليخرجوا منها نفرا وفرارا قبل المغيب ليكونوا «كيوم ولدتهم أمهاتهم» وهي فرصة البدء من جديد وليكونوا من الحجيج وليس من بقايا الضجيج كما جاء في الأثر عن علي بن الحسين عليه السلام «ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج» بل ليعلقوا وساما دائما من رب دائم يكون مصدر فخر واعتزاز يرافقهم ويكون رقيبا عليهم في كل حركاتهم وسكناتهم.
إنها ذات الأكف التي رفعت ليلة القدر مناجية الباري أن يجعلها مع وفود حجاج بيته قصدا، والقصد يكون إلى الله من كل وافد إليه تعالى في يوم عرفة سواء وقف على صعيد عرفة أم كان في موطنه وحال بينه وبين الوقوف بتلك البقعة المباركة تفريج هم أو كشف غم أو إغاثة ملهوف أو قبول ابتلاء والرضا به رضا استسلام.
أيها الحجاج إنكم تحققون الوحدة الإسلامية على المستوى العالمي، ففي مناسككم تتلامس الأجساد مع سائر عباد الله من الهند والسند والترك والرومان والبدو والحضر والسنّة والشيعة، كل ينادي ويبتهل لرب واحد في يوم واحد وفي شهر واحد، فما بالكم إذا رجعتم بعد أداء مناسككم قفزت الطائفية والفئوية من قمقمها.. ألستم أنتم من قمتم بوضعها داخل ذاك القمقم وأحكمتم إغلاقه، ليتكم تجعلونها كذلك ولا تعودوا إلى إخراجها، هنا تكونون حققتم القصد الحقيقي لرب البيت.
إضاءة: البلد يغلي على نيران عديدة، فهل من مطفئ حكيم يخاف الله.
twitter: @fatima_shaaban