هناك شعارات نطلقها ونتغنى بها وهي كثيرة يتخذها من يبتغي الشهرة في حملاته الإعلامية وفي لقاءاته عبر شتى وسائل الإعلام للترويج لنفسه، كما فعل ويفعل كل مرشح لانتخابات مجلس الأمة أو المجلس البلدي أو مجالس إدارات الجمعيات التعاونية. وشركات الدعاية والإعلان تلعب دورا بارزا في إعطائها رؤية غير واقعية فيعتقد المتلقي اعتقادا جازما أنها حقيقة وواقع ليسير خلف مروجها واثقا من تحقيق المبتغى بينما هي لا تتعدى بالنسبة لمطلقها لحمة لسانه داخل فمه المتشدق بها فإذا حان وقت تفعيلها، رأيت من نادى بها أبعد ما يكون عن واقعها. لا أخص بكلامي هذا فئة دون أخرى فالذاتية أو الأنانية قد تكون موجودة في جميع الأفراد والتوجهات والتكتلات.. «إلا من رحم ربي»، فكل فئة تعمل لإنجاح مشروعها وتتسلح بالاتهامات لنقض وهدم ذوات ومشاريع الفئات الأخرى علما أن شعار «الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية» يطلقه الجميع ولكنه في واقع التطبيق أجوف!
إن الاختلاف في الآراء والمشاريع المطروحة يتطلب نقد الآراء ووضع اليد على الجوانب السلبية بكل موضوعية ـ أقول بموضوعية وليس بغوغائية كما يفعل البعض ـ وعلى جميع الأطراف تحمل النقد الموضوعي وتقبل الرأي الآخر وعدم الإصرار على الرأي الواحد، فالمجلس لن يحلق بجناح واحد وإن كان جناح الأغلبية، كما ان الحكومة لن تخطو خطواتها نحو النمو دون وضع المجلس يده بيدها.
إن نوابنا مع شديد الأسف يجعلون أنفسهم تحت رحمة الاصطدام بالمؤثرات الخارجية والأحداث العشوائية حولهم ليحولوا الجلسة إلى نقاشات جانبية بعيدة عن لب الموضوع، ودورهم يقتصر على رد الفعل حسب قانون «لكل فعل رد فعل».. إن نعمة التفكر التي وهبنا الباري تعالى ومدحها في كتابه العزيز «أفلا يتفكرون» تقتضي أن يستخدمها النواب قبل طرحهم أي موضوع فليس كل ما يعرف يقال أثناء الجلسة، هناك قضايا من الممكن مناقشتها خارج الجلسة الرسمية في أروقة مكاتب النواب لأنها قضايا فردية وليست ضمن الأولويات التنموية.
العقل هو أحد أعظم العطايا الإلهية للإنسان، فبدلاً من وضعه في صناديق مغلقة علينا استخدامه فيما فيه الخير، فقد جاء في الحديث القدسي «وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحب إلي منك بك أثيب وبك أعاقب» فلندرب أنفسنا على استخدام التفكر والتعقل كي نكون فاعلين غير منفعلين.
twitter@fatima_shaaban