حادث الدهس الذي تعرض له بوعلي سمير سعيد هز الكويت كلها وأعماله الخيرة التي لم يطلع عليها إلا المقربون منه جعلت جميع شرائح المجتمع الكويتي تؤبنه وتحزن على فراقه، والأمر الغريب الذي حدث معي أنني تحدثت إليه هاتفيا حوالي الساعة 11.30 من صباح يوم الخميس لمناقشة أحد المشاريع الخيرية وعاود بوعلي بكرمه النادر الاتصال بي حوالي الساعة 2.55 من نفس اليوم، لكنني ـ ولحكمة أرادها الباري تعالى ـ لم ألتفت إلى اتصاله فقمت بإرسال رسالة نصية حوالي الرابعة مساء معتذرة عن عدم ردي وبعد صلاة المغرب تلقيت الخبر الفاجعة الذي جعلني أحوقل مرارا وتكرارا وأدعو المولى عز وجل أن يمن عليه بالشفاء العاجل إلا أن المشيئة الإلهية كانت أكثر رحمة به ليغادرنا بوعلي قبل أن يحقق كل أحلامه الوطنية والخيرية والأبوية وظل ما كان يريد قوله لي بخصوص ذلك المشروع في صدره وقد أحاط به عمله الصالح في مثواه الأخير.
هذا الحادث جعل ذهني يفرز موقفين قد مرا علي لأسر كنت أظنها نموذجا طيبا في التربية واحترام القوانين إلا أن المواقف أثبتت عكس ذلك!
الموقف الأول: اتصلت امرأة وكنت على موعد معها وهي تقول سأتأخر ساعة عن الموعد لأنني في طريقي إلى المطلاع لأوصل ابني المخيم، إلى هنا الموضوع عادي لا غبار عليه، وعقبت تقول: أتعلمين أن الذي يسوق السيارة ابني لأنني أعاني من ألم الركبة ولا أستطيع القيادة فقلت وكنت كمن نزل عليها ماء بارد: كيف؟ هل يعقل؟ إنه لا يتجاوز 14 عاما، فكيف تسمحين له بالقيادة؟! ردت برد ـ وهو رد جميع من يعين أبناءه على ارتكاب المهالك وقتل الآخرين في حوادث السير متناسين أنهم يتحملون المسؤولية الشرعية أمام الله وهو القتل المتعمد ـ اسم الله عليه يسوق وكأنه حاصل على الرخصة من 10 سنوات!
الموقف الثاني التقيت مع صديقة قديمة في الشاليه وهي تتعذر بعدم توافر السيارة لأن ابنها البالغ من العمر 16 عاما يأخذ سيارتها صباح كل يوم متوجها إلى المدرسة صعقت وقلت لها: وكيف تسمحون له بالقيادة وهو مازال أقل من العمر الافتراضي؟ قالت والسعادة لا تسعها: ما شاء الله أصبح رجلا يرفض مرافقتنا، لذا نسمح له ولا نريد تقليل قيمة الرجولة عنده، هل الرجولة أن نعين أبناءنا على مخالفة القوانين!
لو اتخذت «الداخلية» إجراءات صارمة مع كل قائد مركبة لا يحمل رخصة قيادة وقامت بتطبيق الشروط الجزائية دون محاباة ولجأت إلى تطبيق رادع الحبس وعدم قبول الكفالة المادية لكنا بألف خير. وزراؤنا في تغير مستمر وقوانيننا على حطتها والثمن الذي ندفعه يكون من خيرة أبناء الوطن وهم الثروة لهذا الوطن.
فقط في أسبوع المرور تقوم «الداخلية» بحملة إعلامية ويظهر ضباطها في القنوات الفضائية ليسردوا ما وضعته وزارتهم الموقرة من لوائح جديدة دون أن يتم تطبيق أي منها ولكي أثبت لكم صحة ما أقول فسأطلب من الداخلية أن تطلعنا على عدد المخالفات التي تم ضبطها منذ تطبيق قانون منع استخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة فهل ستفعل؟
twitter: @fatima_shaaban