فاطمة شعبان
الوضع الراهن في المنطقة العربية يثير بعض الملاحظات وهي حسب قراءتنا كما يلي:
أولا: من الغريب جدا من بعض كتاب الأعمدة، ممن يعتبرون أنفسهم من عمالقة الصحافة العربية الموالية للسياسة الأميركية، يستخدمون لغة السخرية المبتذلة مع من يختلفون معهم في الطرح السياسي والفكري، وفي اعتقادي أن النيل من الأشخاص والمجموعات جهد العاجز فالفكر يدحض بالفكر، والدليل يناطح بالدليل، إما أن تقنع الرأي العام، أو أن خصمك يقنعه، أما أن تستخدم العبارات الهابطة وتلصق بمن تشاء ابتذالك فذاك يسقطك من برجك العاجي شئت أم أبيت، إلا إذا كنت من أتباع «إذا لم تستح فافعل ما تشاء».
ثانيا: أن تثبت وجهة نظريك وتدعمها بدليل يدغدغ المشاعر الإسلامية وتخاطب العقول البسيطة بذلك، كأن تقول «إن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) في الموقع الفلاني كان سيد أهل العقل والمنطق» أو «إن الدين الإسلامي دين العقل والمنطق» وتسوق أمثلة لا علاقة لها بالحدث، لتدعو الشارع العربي والإسلامي إلى التراجع عن تأييدهم للمقاومة الوطنية الفلسطينية أو اللبنانية فذلك ما هو إلا نصف القراءة لتاريخ النبي الأكرم ( صلى الله عليه وسلم )، فإذا كانت معادلة النصر والهزيمة لدى القادة تتركز حول العناصر المادية، فإننا نقول ان الرسول صلوات الله عليه أيضا دخل معركة غير متكافئة ماديا، أمام قوى الشرك، وهي معركة «بدر» الكبرى وحقق فيها انتصارا ساحقا، فكيف حدث ذلك؟ حسب القراءة الدولية والخطط الإستراتيجية العسكرية كان من المفترض أن يهزم المسلمون هزيمة نكراء، إلا أنهم انتصروا فهل يعلم أولئك أن هناك آية في القرآن الكريم تقول: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله( فالنصر كان بمقاييس إلهية، وتلك القراءة لا تروق لكم لأنكم ماديون حتى النخاع، فدعونا من الخذلان والتخاذل وإذا رضيتم به لأنفسكم فلكم الخيار ولكن كما قال السيد نصر الله «حلوا عنا أو أعينونا بصمتكم».
ثالثا: عندما حقق حزب الله انتصارا بمفهومكم المادي فقط بدحر العدو الصهيوني من جنوب لبنان أين كانت أطروحاتكم العسكرية؟ فالجيش الصهيوني بقواته الجوية والبحرية والبرية فر فرار الأرانب، وأخفى رأسه بين أحضان بوش كالنعامة مع العلم أنه يعتبر حسب القراءات العسكرية أعتى قوة جوية وبحرية في المنطقة، فأين هي قوته تلك أمام مقاومة لا تملك من السلاح عشر ما يملكونه هم؟ هل يعقل أن ينتصر ويطرد ذلك العدو فقط بذلك السلاح أم ان هناك سلاحا آخر لا يعرفه المجتمع الدولي وهو سلاح:
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
هذا السلاح الذي بات بانتظار المقاومة الفلسطينية في غزة والخليل، وفي يافا والجنين، والانتفاضة الثالثة عليها أن تستفيد من تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان وتدرب فصائلها على أيديهم كي تدحر العدو الغاشم، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
فكونوا منصفين أيها المتخاذلون ولو لمرة واحدة كي تكونوا أحرارا من أسر الفكر المادي.