راودت ذهني فكرة جميلة استوحيتها من قصة طفل قال مقولة لا تقال الا من عالم أو حكيم وليس طفلا صغيرا!
القصة تحكي انه: كان هناك والد أخذ يتفحص صحيفته اليومية كعادته، لكن طفله الصغير لم يكف عن مضايقته وحين فاض بالأب من ابنه، قام بقطع ورقة من الجريدة كانت تحوي خريطة العالم، قطعها قطعا صغيرة وأعطاها لابنه كي يعيد تجميعها، ظن الأب ان طفله سيظل منشغلا لوقت طويل في تجميع الخريطة، ويتمكن هو من قراءة جريدته في هدوء، لم تنقض دقائق حتى أتى الطفل والده ومعه الخريطة مجمعة بشكل صحيح!، فسأل الأب مذهولا: هل والدتك علمتك الجغرافيا؟!
رد الطفل قائلا: لا.. لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة.. «فعندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم».
اندهش الأب من مقولة طفله، وأنه افتطن بذكائه الفطري أنه حينما يبنى الإنسان بشكل صحيح يكون من السهل تجميع وبناء خريطة العالم.
قالها الطفل بعفوية، لكنها كانت جميلة وذات معنى عميق.
علمنا هذا الطفل الرائع أنه كي ننهض ونستعيد عزنا ومجدنا ونبني مستقبلنا..
٭ نحتاج إعادة بناء أنفسنا أولا، فقد هدم فيها الكثير، وتغير الأكثر، وهناك ما لم يرسخ فينا منذ كنا صغارا..
٭ نحتاج أن نتعلم ديننا وتاريخنا وأن نرفع قيمة العلم والعلماء واللغة العربية من جديد.
٭ أن نسلك الطرق الصحيحة المشروعة كي نصل لتحقيق أهدافنا، لأنه «ما بني على خطأ فهو باطل».
٭ أن أي هدف ليست له غاية تفيد المجتمع والدين والإنسانية فهي دون جدوى.
٭ أن نعود لإحياء قيمنا ومبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا العريقة من جديد.
٭ نحتاج أن نخرج منا عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وعمر بن عبدالعزيز وعلي وعثمان جدد.
٭ تشجيع هذا الطفل داخلنا وتهيئة البيئة المناسبة كي يتمكن من إعادة رسم خريطته بقوة وفطنة وهو يردد الله أكبر.
٭ وأنه آن الأوان أن نسترد كنوزنا التي سرقها منا الغرباء ونعود لنتزين بها مجددا، أغرونا تحت عنوان الحداثة والتطور والتكنولوجيا كي ينزعوها منا ويلبسونا بدلا منها الوهم والضياع والرضوخ، فقد نجحوا في إشغالنا بالدنيا عن الدين، فقصرنا فتهنا ثم هزمنا، والإنترنت عن الكتاب فهجرت المكتبات وضاعت قيمة البحث العلمي وفقدنا شغف وحب القراءة، حرمنا الانفتاح والاستقلالية من الاجتماع الأسري الدافئ كل مساء كما كنا سابقا، فتشتت الأسرة ثم تفرقت العائلة ومن ثم المجتمع، خدعونا بكذبة فارغة تسمى الماركات (Brand) كي يسلبونا أموالنا، صدروا لنا سلوكياتهم وأخلاقهم المدمرة كالقمار والمخدرات والأفلام الإباحية والفكر المتطرف..،..، حتى يقضوا على زهرة شبابنا، وللأسف نجحوا في ذلك منذ زمن، أخذنا منهم صفاتهم السيئة وتركنا عوامل تفوقهم علينا، مثل تقدمهم في البحث العلمي وتطبيقه في الحياة العملية، وإتقان العمل، إعطاء كل شيء حقه ووقته، الاحترام وتقدير الإبداع والرقي في التعامل،...،
أصبحنا مسلمين دون إسلام وهم غير مسلمين لكن تسلحوا بمبادئ الإسلام في بناء نهضتهم، التي حينما كنا نعتنقها جعلتنا أسيادا عليهم في عهد الفتوحات الإسلامية وكانوا يدفعوا لنا الجزية ويعيشوا في حمانا، الآن! نحن من يعيش في حماهم! علماء العرب هم من صدر لهم العلم والاختراع، الآن يمنون علينا به! وما زلنا مغيبين غارقين في ملذات وملهيات الحياة التي صنعوها لنا! فأغشت أذهاننا عن تذكر أصلنا وقتلت عروبتنا وأنستنا تاريخنا ومجدنا حين كنا أسيادهم.
تحتاج عروبتنا قبلة حياة من أفواهنا وأنفاسنا وجهدنا واتحادنا جميعا كي تحيا وتسود العالم من جديد.
فهل هناك أمل في قدرتنا على تذكر ملامحنا وإعادة بناء خريطتنا.........؟!
[email protected]