إلى بعض الناشطات والناشطين «اللي مو عارفين شنو يسون بعمرهم»، والذين كثرت تناقضاتهم وتجاوزاتهم، وكثرت تخبطاتهم العشوائية، وفتاويهم بما حلل وحرم بكل سخرية واستهزاء، إلى أن تشابه البقر علينا، واصبحنا لا نعرف لهم دينا ولا ملة، كما اصبحنا نجهل ما هو مبتغاهم المطلوب! وما هدفهم المنشود! وأنا لا أعتب على تلك الفئات المستهترة المستهزئة والعابثة والتي لا ينفع معها لا نقاش ولا حوار ولا حتى تفكير، ولا اعتب على آرائهم الانفصالية الوقحة على مرأى ومسمع بما يتعلق بأمور الدين، وإنما أعتب على تفاعل أشباه الرجال معهم مفتخرين بهم، منافحين عنهم، مؤيدين ومصفقين لهم.
أشخاص وضعوا نصب أعينهم دائرة مقارناتهم تلك، والتي يرونها من منظورهم الخاص والتي لا طائل منها، ويتطرقون إلى مسائل تثير الشك في مصداقية الدين، باستخفاف وبأسلوب غبي مبطن غير مباشر كغبائهم، وبصورة مبهمة غامضة والتي غالبا ما يتخللها التدليس.
أشخاص يوما بعد يوم يثبتون لنا دون أن يدركوا، كم كانت صعبة بيئتهم ونشأتهم، والتي جعلت منهم أناسا غوغائيين، متلونين، ومشككين يسعون إلى نسف الموروث الديني.
فأوقاتا تجدهم سياسيون ضد الحكومة وضد قوانينها، وأوقاتا تجدهم يدندنون بحقوق المرأة وحريتها، وأوقاتا تجدهم يتذمرون من ديننا ومبادئنا.
إلى أن أضحى مجتمعنا كحقل ألغام لا نأمن فيه غوائل الفتنة والغواية، بسبب أولئك المتخلفين، وبسبب ما ينشرونه من تغريدات تحمل في ثناياها انتقادات لاذعة واتهامات رخيصة جدا، يغلب عليها طابع الاستهزاء بأمور الدين، دون التفقه في قواعده ومقاصده.
وذلك فقط بسبب تركزيهم وحرصهم الدؤوب على بناء وجاهتهم الذاتية وذيوع صيتهم بشكل اكبر، وهو ما أضعف وأضاع وازعهم.
يعيشون على تناقضات غريبة، ناقلين إلينا وجهات نظرهم الشخصية، واضعين عليها ظلالا تعكس لنا حالتهم النفسية وتخبطاتها. فأغلبهم لا يحملون من الإسلام إلا الاسم، لأنهم لا يعرفون لله حقا ولا توقيرا ولا احتراما، ولا لدينه اعتبارا، ولا يعنيهم بعد ذلك أن هذا حلال أو حرام.
تنوعت أساليبهم وأهدافهم، هم و«البهائم» الذين يسيرون على نهجهم، وتقطعت بهم السبل وعجز فكرهم الضحل عن مسايرة آراء غيرهم، لتفنيد مزاعمهم، وان ادعاءاتهم ما هي إلا دليل واضح على عجزهم الفكري وجفاف منابع الثقافة الدينية عندهم وتصحر أفكارهم.
ووجدوا للأسف من يهزون رؤوسهم كالهداهد لهم فرحين فخورين بهم، فتمادوا هم في ظهورهم وتمادوا في إسفافهم وأباطيلهم، ناسين عن عمد وقصد واضح أن أوجب الواجبات بعد الإيمان والتوحيد هو أن يتفقه المسلم في دينه عامة وفي أمور الحلال والحرام خاصة، كي يلزم كل شخص حدوده ويعتدل على صراطه، بعيدا عن تلك الالتباسات التي تكتنف كثيرا من أحوال الناس في الإيمان والتدين، فلا حرام إلا ما حرم ولا حلال إلا ما أحل، وربنا سبحانه وتعالى دعانا الى أن نعقل الأمور ونزنها ونتدبرها ونتأملها، فلا تخلطوا بينها وبين تلك التناقضات التي ترونها من قبل بعض مدعي الدين والتدين، لأن الأمر في الأصل قائم على طاعة الله في أوامره وفي نواهيه. فلا تؤطرون الدين في زاويتكم فقط وتلطخونه بالقذى والأذى، وتعرضونه على الآخرين بصورة غير راحمة حتى ظن الكثير أن هذا الدين حاد المزاج، يبحث عن العسر والشدة في كل شيء.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تسألوا عنها».
«فلا تسألوا عنها» تلك شريعته التامة الشاملة، وحكم الله تعالى ثابت وشامل، لا يتغير بتغير الزمان والمكان، فلا يقبل حكمه نقضا ولا تعديلا ولا استدراكا ولا استهزاء ولا ضحكا، وما نحن إلا بشر مأمورون في ذلك بالتسليم والانقياد والسمع والطاعة.
إن منهجنا قويم ورائع وعظيم، فلا تقللوا من شأنه، بمنكراتكم التي ترددونها بين الحين والآخر. ولا نعرف حقيقة إلى متى سيبقى توظيف الدين لأغراض سياسية أو لأغراض مزاجية أو دنيوية؟! وإلى متى ستستمر إثارة تلك الأسئلة الغبية من ذلك المنبر المرتع الخصب للمنحرفين والتي تتعلق بتعاليم الدين؟! أولئك الذين ينفثون تخلفهم دون أدنى مراعاة للدين وحرمته، ودون أدنى مراعاة للمجتمع وضوابطه، موجهين أصابع الاتهام إلى ديننا وتعاليمه، ومتهمين إياه بأنه يضطهد المرأة ويبيح الرق وينادي به.
وبكثرة إسقاطاتهم تلك، أوهموا من حولهم من ضعاف النفوس بأن الإسلام لم يقدم جديدا للمرأة سوى أنه قنن نظرة الجاهلية لها، بخلاف اتهامهم لرسولنا الكريم بالانحراف وبخروجه عن المألوف وغيرها الكثير من الابتداعات. إلى أن اصبحنا نرى الكثير من الأشخاص لا يقوم على مبادئ سليمة، أو آداب سامية، إنما يقوم على أكاذيب ومعلومات مغلوطة من أقلامهم المسمومة، حتى تخبو الجذوة المتوقدة في أفئدتهم والتي يذكيها الرد عليهم، إلا من وجد في نفسه القدرة الكافية على دحض باطلهم. فليس كل ما يقال من تلك الفئات يصنف من باب حرية الفكر والتعبير، بل على العكس، تصنف تلك السخائم والترهات من باب حرية الجهل والكفر والتغفيل،
وليس من الحرية أن ينسب إلى الدين ما ليس منه.