هناك شخص قد يكلمك بأسلوب حاد أو نبرة شديدة أحيانا، وسرعان ما تجده يشعر باللوم والتأنيب والتبكيت، ويسعى مهرولا لإرضائك بشتى الطرق فقط خوفا من أن يخسرك، وهناك شخص قد يقلب حياتك رأسا على عقب، يربي التوتر واليأس وسط ألغام حواسك، ويؤجج نيران القلق لتتوسد قلب صدرك، ويبقيك في ساحة من الفوضى تجتاحك، ورغم ذلك تجده مرتاحا جدا ينام قرير العين غير مبال، يعيش حياته لنفسه ولا يهتم بما تعانيه من ألم أو ضغط نفسي!
وقد يكون هذا أمرا واردا وعاديا جدا متعلقا باختلاف البشر، والذي عادة ما يتخذ صورا مختلفة في احاسيسهم وطباعهم وخلقهم وأخلاقهم.
ولأننا بشر مثلهم قد لا نستطيع أن ندخل إلى قلوبهم لنقرأ ما فيها، ولكن هناك تصرفات وردود أفعال منهم، نستطيع من خلالها ان نستنتج مكانتنا لديهم ومدى تقديرهم لنا، تصرفات تشعر بها عيون القلب، وعيون القلب لا تكذب ابدا.
لذا فإن الإحساس بالطرف الآخر يعتبر دائما نعمة نادرة وفنا لا يتقنه إلا القليل، كما أن القليل أيضا من يشعر بك، وباحتياجك، والقليل من يشعر حتى بصمتك.
فبالتالي لابد لنا ان نحافظ على انفسنا كي لا نقسمها إلى اقطار ونصبح أشخاصا آخرين لا يشبهوننا ولا نشبههم ولا نشبه حتى طرقهم، وذلك من خلال حرصنا على بقاء عقولنا مفتوحة دائما قبل قلوبنا، لنعي من هم أولئك الذين يستحقون فعلا أن نختارهم لنرمم معهم ما تم هدمه في حياتنا، ونعيد بوجودهم طلاءها من جديد.
ستشعر بعدها ان اصبح لحياتك معنى وهدفا يقلب موازينك، وستستمتع حينها بكل لحظة في حياتك وكأنها اللحظة الأخيرة.
فقد تشاهد برنامجا تلفزيونيا، أو قد تقابل شخصا ما، أو تفقد شخصا عزيزا على قلبك، أو تبتلى بمرض ينهش جسدك، يغير حالك من إلى، ويترك أثرا عميقا في نفسك. مثل ذلك الأثر الذي قد يتركه ذلك الشخص عندما يداري مشاعره في ابسط الأمور لاسيما ألفاظه وتصرفاته ونظراته وردود أفعاله، خوفا من ان يجرحك.
شخص يجعلك تؤمن بمدى أهميتك كفرد استثنائي في حياته، ويشعرك بأنك عظيم وان لم تكن ذا شأن عظيم. فهؤلاء أشخاص يملكون هالات كبيرة ذات ألوان زاهية مشرقة بنورهم وبجمال روحهم وشفافيتهم، والتي يفتقدها الكثير في أيامنا.
يشعرونك وأنت معهم كأنك تجرعت جرعة أسطورية من شراب (Bengisu)، والمعروف أيضا بـ« إكسير الحياة»، فهم وأمثالهم يمنحون هذه الحياة حياة، ويخلقون من وجودهم مساحة من الراحة، وحرية الانطلاق والانعتاق من ربقة القيد والأسر، لأنهم بالفعل اشخاص أحبة أنقياء، وجودهم بالنسبة لنا مثل الهواء.
لا نستطيع الاستغناء عنهم، ولا من تلك المشاعر التي يمنحوننا إياها والتي تعطينا المعنى الحقيقي للسعادة مثل الامتنان، والاحترام والتقدير، مشاعر تنشئ بداخلنا دوافع ومحفزات تمنحنا الثقة والقوة والتميز على مدار مسيرتنا.