تقاس المروءة بعدة مقاييس مختلفة ومتباينة، منها اتساع الأفق الفكري، وصحوة الضمير، والفهم والوعي وإدراك الأمور، كما تقاس ايضا بالصدق والأمانة، وبالاستقامة على التوحيد والرأي السديد، ليصل المرء لأنبل المقاصد وأسمى الغايات.
يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «حسب المرء دينه، وكرمه تقواه، ومروءته عقله».
لكي يسمو بإنسانيته، ويتخلق بأخلاق الأنبياء، والأئمة، والأولياء الصالحين، بعيدا عن الهيمنة السياسية والفكرية والاجتماعية، بعيدا عن تعدد الأطراف والصراعات والنزاعات وكثرة المشاحنات، بعيدا عن التكتلات والأحزاب، كي لا نضيع نحن كمواطنين من كثرة الانقسامات غير المتناهية، ثم نغرق في دخول نسيج من التناقضات.
المروءة ألا تحنث بيمينك ولا تغش ولا تكذب ولا تنافق، المروءة الا تضعضع امام تاجر، وتبيع مبادئك وتفرط بكرامتك وأرضك، امام شخص غني او صاحب نفوذ.
المروءة الا تلف وتدور على حساب مصالح بلدك وأبناء شعبك، فقط للحفاظ على منصبك وكرسيك، معتنقا بذلك المبدأ البشع «أنا ومن بعدي الطوفان»، ساعيا بكل جهد لتحقيق أحلامك، ولو كان السبيل الوحيد إلى تحقيقها، هو التسلق على ظهر المواطنين، ودغدغة مشاعرهم، بالضرب على الوتر الحساس لما يعانونه.
قال الماوردي: «المروءة مراعاة الأحوال إلى ان تكون على افضلها، حتى لا يظهر منها قبيح عن قصد، ولا يتوجه إليها ذم باستحقاق»، المروءة تقف عند جميل العادات ومحاسن الأخلاق.
وفي بلدنا الحبيب الكويت، نجد من هو مهووس بالسيطرة والتمركز، باحثا من خلاله عن ذلك الكمال والإخلاص المزيف، المرتبط بمهنته، ما يجعله يستميت دفاعا عن مكانته ومكاسبه، متاجرا باسم الوطن والولاء له، فيثير غضبك واستغرابك، ويثير حنقك وضيقك إلى ابعد الحدود، فتجده يعيد ويزيد بنفس تلك الأسطوانة المشروخة، ويندد نفس ذلك الذعر، بأحبال صوتية تتشنج مطلقة الهواء للخارج، على «ماميش»، مستمرا في إهماله المتواصل واستهتاره، اثناء تأدية واجباته.
متى؟!
متى سيرتقي ويزدهر هذا البلد بكل ما هو نافع وجدير باحترام الشعوب والدول المتحضرة؟
متى سيرتفع شأنه ونهتم بشؤونه على قدر استطاعتنا؟
متى سنعمل بجد وإخلاص لبناء مستقبله؟
نعلم أن هناك غايات مختلفة وأهدافا شتى لدى بعض الأشخاص، تتحكم بها «الأنا المتضخمة» لديهم، والتي بسببها خلقت تلك النزاعات، التي أدت إلى تمزيق العلاقات.
إلى ان صار البعض يهمش البعض الآخر، دون ادنى مراعاة، ونعلم أن البعض منهم راكنون اماناتهم وعهدهم، وتلك المهام المنوطة بهم، راكضون بلهفة خلف الدينار، مراعون مصالحهم فقط، من خلال تحايلهم ولعبهم.
نعلم ونعلم ونعلم إلى ان اصبحنا نتراجع إلى الوراء، ونتأسى على ماضينا، لأنه كان افضل بكثير من حاضرنا ومستقبلنا، ونسأل انفسنا، إلى اين سيسير بنا هذا المركب الجامح والمعبأ بالرؤوس ذات العقليات النتنة، والعفنة حتى النخاع؟!
هناك عبارة تقول:
«عزام يا ولدي انك مناط آمالنا، لا تخيب ظني بك، فآمالنا كلها منوطة بك» لكن، لا عزاء لمن مات ضميره وهو حي.