على الرغم من تحول أغلب المسلسلات الدرامية الكويتية، تحولا كبيرا تجاه الانحدار الأخلاقي، والبعيد جدا عن مرجعياتنا وأصولنا ومبادئنا، وبالأخص عندما بدأ اعتماد اغلب المنتجين والكتاب على الجرأة والإسفاف والابتذال، ذلك طبعا بسبب انعدام القدرات التي يجب توافرها في الكاتب الحقيقي، واستيعابه للفكرة التي يريد أن يطرحها.
فكم جميل لو سلطنا الضوء على بعض جوانب مجتمعنا الإيجابية، وليست السلبية فقط، ونحاول بقدر الإمكان أن نتفنن في إبرازها، حتى نعكسها للعالم الخارجي، بصورة ذات بصمة مشرفة، وبطريقة أسمى.
فنحن لسنا بمجبرين أن نعري مجتمعنا بكل ما فيه، من مساوئ وفضائح لما وراء السواتر والخبايا.
ولكن مع كاتبتنا المتميزة/ أنفال الدويسان، تنكسر القاعدة، فهي دائما ما تنير سماء الدراما الكويتية، بمنطقية، وعقلية، وبوجدانية تموج ما بداخلنا، وكما عودتنا من خلال كتاباتها، أن تنقل لنا تلك الدرجات المتفاوتة، في الانضباطات، والمعايير، والقيم للأسرة الكويتية، والمجتمع الكويتي، من جميع النواحي، وبصورة محترمة، واقعية ومؤثرة، تلامس أعماقنا، وتألفها أرواحنا، لما تملكه من ذكاء وحنكة وحبكة، ما يجعلنا ننجذب بكل طواعية لمتابعة مؤلفاتها.
مثلما أنارتنا في مسلسلها الرمضاني الأكثر من رائع (محطة انتظار)، والذي بصدده أحببت أن أسلط الضوء في مقالي هذا، على ذلك الثنائي الفخم اللافت، وهما (رائد) الذي جسد دوره الفنان المتألق/ محمد الدوسري، والذي فجر قدراته الإبداعية الكامنة، التي فاجأنا بها بشكل مختلف جدا، وبإيقاع سريع أبهرنا، من خلال شخصيته المرتبطة ارتباطا وثيقا، برجولة ومكانة الرجل الشرقي، الذي لا يحب أن يظهر ضعفه، أو قلة حيلته، رغم ما يملكه من إرث متراكم عميق وحزين، بسبب ما عاناه خلال طفولته، فأحيانا يرينا جانبه الشقي في العامية «نزغه»، واحيانا يكون متسرعا، وأحيانا مشاكسا وغيورا.
واحيانا يكون زنانا ولحوحا مع ابنة خالته الجميلة (شوق)، التي جسدت دورها الفنانة والنجمة الواعدة/ إيمان الحسيني، والتي امتازت بمزجها لألوان مختلفة، كالطفلة كانت شفافة، صافية، هشة، بريئة، علمها الزمان، أن تمرح وتضحك، تبتسم وتدندن، لكن الأنين مزين في داخلها، كلما تذكرته في خلوتها، سقطت بحرقة دمعتها.
كما استطاعت من خلال تجسيد دورها بكل صدق أن تتسلل إلى أعماقنا، ولا قصور في البقية، لكن، فعلا اصبحنا نفتقر لهكذا فنانين وفنانات، وبالأخص بين جيل الشباب، وأن يكونوا بتلك العفوية الكريستالية الساحرة، فهما فعلا ثنائي سطع اسمهما ونجمهما بشكل غير مسبوق، من خلال براعتهما في تأديتهما لدورهما، بإتقان شديد وباهر، كما تحليا أيضا بالتلقائية والعفوية الطبيعية، بكل ثقة، وذكاء، بعيدا عن التملق والاصطناع، وببساطة واضحة وجلية، ما زادهما ذلك ألقا وجمالا وضياء.