قرار خادم الحرمين الشريفين بقصر الإفتاء على أعضاء هيئة كبار العلماء يجب الا يمر هكذا من دون تسليط الضوء عليه، خصوصا إذا علمنا أننا نعتبر في عيون شيوخ الشرائط والفضائيات الذين أرق هذا القرار مضاجعهم وأنهى عنهم سبيل المال والشهرة وقطع عليهم طريق السيطرة على عقول وجيوب الناس من العامة، بهذا القرار ألجم خادم الحرمين جماح شيوخ السكسوكة وقراء مسح الجباه والنفخ بالميكروفون وباعة الماء المقروء عليه وزيت الزيتون ذو الـ 5 دنانير، قرار جاء ليكسر جمودا كنا لا نستطيع كسره كون شيوخ الفتاوى المعلبة والآراء المتغيرة يلبسون ثوب الدين الذي لا يلبسه الا من كان له القدر الكبير والوقار العظيم، لذلك كنا نصمت ولا نتحدث ونبتلع أمواس القهر حتى لا يقال عنا اننا ملحدون أو رافضون أو تائهون أو تلك التهم التي يوصف بها كل من يصطدم بمشايخ المطاعم.
في أحد النقاشات العقيمة بيني وبين أحد المشايخ «الحلمنتيشية» حين سألته: لماذا تكفر وتلعن كل من يقتني موبايل فيه كاميرا وبلوتوث؟ فقال لي ألم تسمع عن حادثة الفتاة التي أجبر صاحبها مخدومه الآسيوي على اغتصابها؟ فقلت له وهل تكفر مقتني الموبايل بالكاميرا بسبب سوء استخدام أحدهم له؟ اذن عليك أن تكفر كل من يشتري سكينا لأنها قد تستعمل استعمالا تزهق به الأرواح وتنتهك به الأعراض، فقال لي هذا أمر آخر، إننا بحاجة للسكين ولسنا بحاجة للموبايل، وبعد أن احتدم النقاش وحمي الوطيس قالها هكذا جهارا نهارا وعلى رؤوس الأشهاد بأنني كافر، فقط لأنني حاججته بالمنطق بل وبما قاله الله والرسول، بل إنني حين استشهدت بإحدى الآيات قال لي لا تستشهد بالقرآن لأنك لا تعرفه وكأن القرآن أنزل فقط له ولأمثاله من الناس.
وقد حدثني أحد الأشقاء من مصر المحروسة ان فلتان الفتاوى في مصر وصل إلى حد غير مسبوق بحيث يستطيع الرجل أن يحلل ما حرم الله ويحرم ما أحل الله فقط بجنيهات قليلة لزوم تسليك المسائل، بل ان أحد المفتين كما حدثني صديقي، يقول للذي يستفتيه «اديني فرخة أديك فتوى» وبالطبع ستكون الفتوى على ميل المستفتي ورغبته.
ولعل ما قامت به بعض الفضائيات من إطلاق برامج فتاوى على الهواء لهو أمر يندى له الجبين وتقشعر له الأبدان فقد أعطانا صورة سيئة لأولئك المفتين المارقين، لذلك مسألة التلاعب بالدين والسماح لكل من طالت لحيته وقصرت دشداشته وكان بالسواك لعيقا وبالشماغ لصيقا أمر يجب الا يستمر، فكلنا مسلمون وكلنا نحرص على أمور الدين لكن يجب الا يترك الإفتاء هكذا للجميع من دون ضابط ولا رابط، ولا يلتزم المفتي بشروط الإفتاء، لذلك انا أناشد نوابنا الإسلاميين ان يعملوا على إعلاء كلمة الدين بتشريع قانون يقصر الإفتاء على إدارة الإفتاء في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومن يفتي من غيرهم يسجن ويعزر بل حبذا لو ينفى من الأرض.
[email protected]