فايز النشوان
لا فرق بين كويتي وكويتي آخر إلا بمدى حبه لهذا الوطن الذي أعطى بجزالة وكفانا المسألة، فلا أحد يستطيع أن يضرب إسفينا بين الكويتيين سواء من ناحية طائفية أو قبلية أو طبقية لأننا موحدون منصهرون منسجمون في حب هذا البلد، نحن قوم ارتضينا الكويت وطنا، وآل الصباح حكاما، والدستور صمام أماننا والعمود الفقري لكياننا لا يمس ولا ينتهك ولا يعطل، لا جزء منه ولا كله.
الحديث عن مسألة تعطيل الدستور بتعليق بعض مواده هو باطل غير مشروع قانونا ومجرم بحسب نص القانون، ناهيك عن الرفض الشعبي لهذا الأمر، فهذا خط أحمر بل حاجز اسمنتي قوي متين لا نسمح بالتعاطي فيه ولا الحديث عنه كأنه أمر عادي ويمر مرور اللئام، وإن كنت ضد الاستجواب الذي قدمه بعض النواب لسمو رئيس الوزراء لأنني أرى فيه نفسا طائفيا وردة فعل غير صائبة ومبالغة ماسخة وعنجهية واضحة، ولم يأت على أسس سليمة ولا نوايا صادقة في محاوره الفارغة رغم قيمة محتواها من الناحية الإنشائية التي جاءت لذر الرماد على العيون وتعزيز موقف المستجوبين شعبيا، إلا أنني أرفض الدعاوى التي أطلقت هنا وهناك ومن الأقلام غير المسؤولة التي تكتب وبكل صفاقة عن أهمية تعطيل الدستور وبكل تماد دون رقيب ولا حسيب من وزارة الداخلية التي التزمت الصمت في خرق واضح للقانون والدستور وهو أمر ننكره ونرفضه.
يجب أن يعلم المنادون بتعليق الدستور وحل البرلمان حلا غير دستوري أن هذا الأمر سيخدم الخصوم بتوحيدهم ضد الحكم والحكومة، ولن تظهر دواوين الاثنين فحسب هذه المرة، بل ستكون إفرازات الحل أشبه بطوفان لن يبقي ولن يذر، لا على البلاد ولا على العباد، ولأن أصحاب هذا النداء لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم نحن نوضح للناس مدى الخطورة التي قد تقع لا سمح الله إن تم هذا الأمر الذي سيكون هلاكا مدمرا واحتلالا صداميا جديدا من نوع آخر، فلم يحل المجلس سابقا حلا غير دستوري إلا وانعكس ذلك سلبا على الأمة بأسرها.
الوقت لم ينته بعد للمثول للحكمة التي افتقدناها وللشعور بالمسؤولية، الكويت تنتظر من حكماء الأمة أن يقربوا وجهات النظر ويوحدوا الصفوف فنحن في بلد صغير لا يحتمل هذه الأزمات المتكررة في وقت نحن في أمس الحاجة فيه لوحدتنا، على الجميع أن يعي صعوبة المرحلة التي نمر بها سواء سياسيا أو اقتصاديا أو حتى اجتماعيا، نريد أن نهدأ قليلا ونبتعد عن المهاترات ودخول البلاد في صراعات لا جدوى منها ولا قيمة، إن الكويت يا سادة أمانة في أعناقنا جميعا فلا تقطعوا أوصالنا بتمزيق ما تبقى لنا من وطنية بالحديث عن تعطيل أهم وثيقة رسخت وطنيتنا.