فايز النشوان
في قراءة سريعة لتشكيل الحكومة الجديدة نجد أنها وكما توقعت في مقال سابق لا تحمل في طياتها شيئا جديدا يذكر، فالأشخاص هم الأشخاص ولا أعرف كيف نستطيع أن نقول عن هذه الحكومة بالجديدة رغم أن التغيير الذي طرأ عليها محدود جدا ولا تسمى برأيي إلا بالحكومة المعدلة أو المنقحة فقد تغير ثلاثة وزراء منهم وزيران كانا على وشك المغادرة على كل حال من قاعة عبدالله السالم.
إلا أن الجميل الذي شد انتباهي قبل فترة هو رأي سمو رئيس الوزراء بالوزير والنائب السابق أحمد باقر حيث قال سموه عنه إنه وزير نموذجي.
في الحقيقة لا أعتقد أن سمو رئيس الوزراء قال هذا الرأي من فراغ أو للمجاملة، فباقر رجل سياسي مخضرم استطاع أن يخط لنفسه جادة واضحة في طريق العمل السياسي في الكويت منذ بداية الثمانينيات من القرن المنصرم كان وقتها من أكثر شباب الكويت دفاعا عن الدستور وعن حق الأمة أن تكون مصدر السلطات جميعا، وقد انعكس ذلك عليه إبان اشتراكه في دواوين الاثنين المعروفة، وبعد الاحتلال استطاع باقر أن يحظى مجددا بتأييد الجماهير له بما قدمه من أفكار أقنع بها الناس كي ينتخبوه ممثلا لهم في البرلمان فلم يخذلهم ولم يخذلوه، وقد ذكر لي أحد الاخوة من النواب السابقين في مجلس 92 إنه لقب باقر في ذلك المجلس بالفلتر أي المنقي، وهو يقصد أن باقر كان يفلتر له ولبقية من يستشيره من زملائه النواب الكثير من الأفكار التي تطرح سواء من أمور تشريعية أو سياسية أو غيرها.
لا أريد أن أمضي كثيرا في التحدث عن مسيرة حياة أحمد باقر فهي طويلة ومليئة بالأحداث وتستدعي مجلدا كبيرا من سعة الألف صفحة كي تستطيع أن تغطيها ولعلي متفائل كذلك لو حصرتها بمجلد واحد، لكن الإنجاز الكبير الذي استطاع باقر أن يغير من الصورة النمطية للوزير في حكوماتنا المتلاحقة بعد توليه منصب وزير التجارة والصناعة كان حينها ومازال الغلاء يضرب بقسوة على رؤوس الناس فاستطاع الرجل أن يوجد أفكارا لم تبق مجرد تصريحات واهية وشعارات فارغة للترويج الإعلامي، بل نفذها الرجل بكل قدرة وقوة واستشعرها الجميع من مواطن ووافد، من أهمها دعم البطاقة التموينية وإضافة مواد جديدة وتحسين جودة الكثير منها فصارت البطاقة التموينية تكفي تقريبا أكثر من 70% من حاجات المواطن المعيشية ناهيك عن دعمه للمواد الإنشائية وإضافة مواد جديدة فيها والتي لا غناء عنها في البناء أضافها باقر لمجموع السلع المدعومة منها الطابوق العازل الأبيض وانجازات كثيرة لا يسع حصرها لباقر، لا أعتقد أن المواطن البسيط الذي ليس له من الله إلا راتبه ليعيل أسرته يهتم بأمور انهيار البورصة أو هبوط أسعار النفط وإنما جل همه ذلك الذي اهتم به باقر.
اهتمام باقر بالشريحة الأوسع والأكبر في المجتمع الكويتي لدعمها وفهم احتياجاتها جعلت منه وزيرا نادرا غيّر فكرة الناس عن شخصية الوزير الذي لا هم له إلا تعيين أقاربه والمحسوبين عليه والمهمات الرسمية في الخارج والوجاهة الاجتماعية في حضور الندوات والمعارض وقص الشرائط دون انجاز يذكر، ونحن إذ نثمن لباقر ما فعله إلا أننا ننتظر منه المزيد من الأفكار النادرة والانجازات المهمة في مجلسي الوزراء والأمة ونرجو أن يكون الفلتر في الحكومة كما كان في البرلمان.